المُترادِفُ : ما كان معناهُ واحدًا وأسماؤُهُ كثيرةٌ ، حسبما عرَّفه عبد القاهر الجُرجاني (400 – 471هـجرية /1009- 1078ميلادية ) ، وهو المُتَعادِل والمُتطابِق والمُتشابِه في المَعْنى ، وأنا شخصيًّا لا أحبُّ الترادُفَ في الشِّعْر ولا أستخدمُه، وهذا عندي أمرٌ فطريٌّ وليس قصديًّا ، وسأكونُ واضحًا لو قلتُ إنَّني لا أومنُ بمسألةِ الترادُف في اللغة العربية ، تلك اللغة المتسمة بكثرة المعاني ، لأنَّ الأصولَ الاشتقاقيةَ لمُفردات اللغة تؤكد أنَّ هناك فُرُوقًا دقيقةً بين كلِّ كلمةٍ وأخرى نظنُّ أنهما مُتطابقان ، أو تؤدِّيان المعنى نفسه .
وهناك من لا يأخذُ بالترادُفِ المُطْلَقِ في اللغةِ وينكرُهُ ، خُصُوصًا من أهل الاختصاص في اللغة والنحو ؛ مُعلِّلينَ ذلك بأنه لايوجدُ في اللغة العربية ترادفٌ محْضٌ.
فليست كلُّ سَنَة عامًا وليس كل عام سَنَة.
فالسنة هي الفترةُ الزمنيةُ التي تستغرقُها الأرضُ للدوران حول الشَّمسِ دوْرةً كاملةً ، لمدة 365 يومًا تقريبًا أو 12 شهرًا .
السنة وهي كلمةٌ مُفردةٌ مؤنَّثة ، اسم منقُوصٌ ، جمعُها سَنَهات وسَنَوات وسنون ، وهي جمعٌ لشُّهورٍ ، وتدلُّ على الشدَّة ، والجدْب، والجفاف ، والشَّر، والقحط، والمجاعة ، حتى أنَّ العرب وصفت الشدَّة بقولهم ، أصابت البلدة سنة ، وقد وردَتْ لفظة ” سَنَة ” في القرآن سبع مراتٍ في صيغة المُفرد، واثنتي عشرة مرَّة في صيغة الجمْع “سنين”. ( تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا)[يوسف:47] ، (فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا)[العنكبوت:14] ، (يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ) البقرة: 96، أو (قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً) المائدة: 26 ، (وَلَقَدْ أَخَذْنَا آَلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) الأعراف: 130.
وتستخدم كلمة السنة بشكلٍ أساسيٍّ ، كوحدة قياسٍ للتعبير عن عُمر الإنسان ، والتاريخ، والفترات الزمنية .
والسَّنة البسيطة التي كنَّا نعرفُها ونحن تلاميذ في المرحلة الابتدائية يبلغ أيامها 365 يومًا ، أمَّا السنة الكبيسة التي لم نكُن نحبُّها ونحن أطفالٌ فهي السنة الشمسيِّة التي يُضافُ فيها يومٌ إلى شهر فبراير في كلّ أربع سنين ، فيصير تسعةً وعشرين يومًا، وفي السنوات الثلاث الأُخَر يكون ثمانيةً وعشرين، وهي السنون البسائط ، وتُعرف السنة الكبيسة بصلاحيتها للقسمة على أربعة دون أن يبقى باقٍ مثل سنة 19 20 ميلادية .
والسَّنة القمريَّة: (الفلك) مقدار اثنتي عشرة دورة للقمر حول الأرض ، اثنا عشر شهرًا قمريًّا وهي المُحرَّم، صفر، ربيع الأول ، ربيع الآخر ، جُمادى الأولى ، جُمادى الآخرة ، رجب ، شعبان ، رمضان ، شوَّال ، ذو القعدة ، ذو الحِجَّة .
والسَّنة النَّجميَّة/ السَّنة الشَّمسيَّة/ السَّنة الفلكيَّة: (الفلك) هي الزَّمنُ الملازمُ لدوران الأرض حول الشَّمس دورة كاملة ويقدّر بـ 365 يومًا وست ساعات وتسع دقائق و54 ثانية من الزَّمن الشَّمسيَّ .
والسنة الضوئيَّة: (الفلك) هي وحدةٌ لقياس الطُّول تُعادل المسافةَ التي يقطعُها الضَّوء في الفراغ في سنة كاملة، وتقدَّر بـ9461 مليار كيلومتر، وتُقَاس بها المسافة بين النّجوم.
وأنا من الذين يستخدمُون مُفردة ” السنة ” في كلامهم شفاهةً وكتابةً ، ربما هو التعوُّد ، والثقافة السَّائدة التي تربينا في حِضنها .
أمَّا العام فهو كلمة مُفردة مذكَّرة ، جمعُها أعوام ، وهو جمعٌ لأيام ، ” فالعام يُفيد كونه وقتًا لشيءٍ مُعيّنٍ ك ” عام الفيل ” ، وهو العام الذي هجم فيه الأحباشُ بأفيالهم على الكعبة ، وفيه كانت ولادة النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم ” ، و ” عام الرمَادة ” في آخر سنة 17هـجرية ، إلى أول سنة 18هـجرية ، وذلك في خلافة عمر بن الخطاب ، و ” عام الحُزْن ” وهو العام العاشر من بعثة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ، وهو العام الذي تُوفّي فيه أحبّ النّاس إلى الرسول وآثرهم عنده ؛ زوجته خديجة، وعمّه أبو طالب .
ومفردة العام تدلُّ على الرَّخاء، والرَّاحة ، والخير، والرفاهية ، والنعمة ، والمطر ، والفرَج : (ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ) [يوسف:49] ، (وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ) [لقمان:14] ، و( فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ) البقرة : 259. أو (حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ) لقمان : 14.
وقد ورَدَتْ لفظة ” العام ” المُفردة ثماني مرَّات في القرآن ، و في صيغة المثنَّى “عامين” مرَّة واحدة .
ويُقالُ في المُبالَغَةِ : مَرَّ بنا عامٌ أعْوَمُ، و يُطلقُ العامُ الأعوَمُ على الجَدْبِ ، ذكَرَه ابنُ سيدَةَ المُرسيّ صاحب كتاب « المحكم والمحيط الأعظم » (398هـجرية /1007م – 26 من ربيع الآخر 458هـجرية /25 من مارس 1066ميلادية ) ، كأَنَّهُ طال عليهم لجَدْبه وامتناع خِصْبه، وكذلك أَعْوامٌ عُوَّمٌ وكان القياس : عُومٌ.
و” الحَوْل ” هي سَنَةٌ بأَسْرِها، والجمع أَحْوالٌ وحُوُولٌ وحُؤُولٌ؛ حكاها سيبويه. وحالَ عليه الحَوْلُ حَوْلاً وحُؤُولاً: أَتَى والحَوْلُ : سنة كاملة ، و مَرَّ و حَوَّلَ الأرضَ: زرعها حَوْلاً وتركها حَوْلاً للتَّقوية. عَلَيْهِ حَوْلٌ : مَرَّتْ عَلَيْهِ سَنَةٌ. وحال عليه الحول: مَرّ، – مَجَلَّة حوليّة: تصدر مرّة في السنة، – نبت حَولِيّ : ينبت مرّة في السنة : { وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ } ، فَعادَلْتُ المَسَالِكَ نِصْفَ حَوْلٍ
وَحَوْلاً بَعْدَهُ حَتى أحَالا ( الفرزدق )
ولم أضبط نفسي يومًا مُستخدمًا مُفردة ” حوْل ” ، لا في شِعْري أو نثري ، وأكتفي بالسَّنَةِ في مرتبةٍ أولى ، وبالعام في مرتبةٍ ثانية ، لكنَّني عادةً ما أحزنُ في ديسمبر من كل عامٍ ، لأنَّ سنةً من العُمر مضتْ ، ورُبَّما أكونُ قد فعلتُ فيها الكثيرَ ، الذي يحسنُ التحدَّث عنه ، والتفاخُر به .
*ahmad_shahawy@hotmail.com