الثامن من كل شهر مارس ، يحيل الى اليوم العالمي للاحتفاء بالمرأة، كما أنه أصبح يرتبط عند الغالبية، بطقوس تحمل دلالة تقدير وتعبير عن مشاعر إيجابية اتجاهها،( تقديم ورود مثلا، او هدايا) ،في المدارس، الشركات الشركات، الابناك …)، كما تتحدث عنه أغلب القنوات التلفزية العالمية ،وقد يتصدر عناوين الجرائد،كماقد يحدث أن لا يحتفى به إطلاقا في مناطق لا تؤمن به ،ولا برمزيته ولا بجدواه..
وينتهي الاحتفاء ،في انتظار سنة مقبلة ،ويدور الزمن ….
لكن، هناك رجال ونساء اختاروا أن يكونوا قابضين على الجمر، مرافعين عن كل القضايا العادلة في المجتمع ،وعلى رأسها القضية النسائية . هؤلاء جميعا ،يوم الثامن من مارس ،يشدون فيه الرحال الى عالم مفارق لهذا العالم الموبوء بالمشاكل ، والاحباطات …، وجهتهن/م عالم تؤثته قيم سامية نبيلة ،(عدالة ، حرية ، كرامة، مساواة، إنصاف ). قيم يفتقر إليها الوجود اليومي للافراد الانسانيين في واقع ما ينفك يضرب عرض الحائط بكل ما يضمن تحققها وتمظهرها بشكل سليم ، وفعال.
هناك ، يجدون ملاذهن/م ،ويمنون ذواتهن /م بوجود يليق بتطلعاتهن /م المشروعة .
الثامن من مارس ، بالنسبة لهن /م ،هو فسحة أمل يتوقفون عندها ، هن /م من لا يتوقف طيلة الوقت ، وعلى مر الزمن ، عن النضال في كل الجبهات ، حتى يصيروا ماكان حلما ،حقيقة معاشة. رغم وعيهن /م التام بأن معركة القضية النسائية ، صعب ان يتحقق فيها الانتصار بسهولة ، أمر أدركوه جيدا ، وهم يناضلون ضد ثوابث متجذرة ،يصعب زعزعتها ، فبالاحرى اقتلاعها.
إلا أن إراداتهن /م الطيبة ، ووعيهن / م الحقيقي بالمسؤولية الملقاة على العاتق ، من أجل تهيئ شروط إنسانية للاجيال القادمة ، كانت محفزا كافيا، ودافعا قويا للاستمرار في الوقوف ضد كل ما يسمح او يجيز حرمان النساء من حقوقهن المشروعة .
وكان لا بد من المطالبة بإعادة النظر في الترسانة القانونية التي تحرمهن مما هو من حقهن ، هذه الترسانة التي لها ظاهر وباطن، ولها سند ومرجعية من خارج ماهو دنيوي ، يصعب معها تحقيق كل ما يتم السعي إلى تحققه .
كذلك ثمة غياب مشروع مجتمعي حداثي واضح المعالم ، منفتح على ما هو مستقبلي ،- علما أن كل ما يجري في المجتمع يمنحك الشعور على أنه ليس مجتمعنا منغلقا – تكون التربية والتعليم من أهم رافعاته ،وغيرهما من المؤسسات الأخرى التي من أدوارها النهوض بالمجتمع عموما، وخدمة المواطنين والمواطنات، والعمل على إخراجهن /م من حالة العطالة هاته،
وطبعا ، على الدولة أن تحمل مشعل التغيير هذا، خصوصا وأن الشعارات المعلن عنها تخبر عن نية ذلك . إذ لا يمكن للمجتمع ان يتقدم قيد انملة،إلا اذا تحولت هذه النية ،الى تفكير سديد ،وجدي ، وبالتالي الى الجرأة في إتخاد قرارات وإجراءات جريئة ،تقطع مع ماض يصر على تكريس قيم اللامساواة واللاعدالة .. ويدشن عهدا جديدا ،يتمتع فيه الجميع نساء ورجالا بكل الحقوق المدنية والسياسية ….لأن معركة القضية النسائية ، ليست منعزلة عن غيرها من القضايا الأخرى ، كما أنها لا تمس النساء لوحدهن ، بل هي قضية تهم المجتمع ككل ، بكل فئاته وشرائحه ،وإلا لظل يوم ثامن مارس، خلوا من دلالته، ولظلت احلامنا جميعا حبيسة شعارات و مطالب مرفوعة على الدوام وبغير جدوى .