تحل الذكرى 74 للنكبة, والشعب الفلسطيني, في فلسطين الواحدة, يواجه بعزة وكرامة وشجاعة سياسات التهويد والتهجير والاستيطان دفاعا عن القدس والأقصى, وعن حقوقه التاريخية المشروعة في العودة وبناء دولته المستقلة بعاصمتها القدس. فمن حي الشيخ الجراح والمسجد الأقصى في القدس إلى اللد وحيفا وبيت لحم والجليل وغزة والضفة ..الخ يقف الشعب الفلسطيني كشعب واحد وموحد معلنا للعالم ,بالدم والدموع وفداء الأرواح عن نهاية فصل طويل من محاولات الالتفاف على حقوقه التاريخية الثابتة والمشروعة.
في هذه الذكرى , وكما في ما قبلها , تتواصل ملحمة الصمود والمقاومة في دفاعه عن الأرض والمقدسات كاشفة عن هشاشة مجتمع دولة الاحتلال , وأزمته المركبة و الشاملة : أزمة هوية , وأزمة سياسية , وأزمة أخلاقية ومعنوية لمستوطنيه , وبكلمة , أزمة وجودية . ومن داخل تلك الملحمة يشتعل الأمل اكثر فأكثر باقتراب دحر الاحتلال واسترجاع الشعب الفلسطيني لحقوقه الوطنية المشروعة وفي مقدمتها بناء دولته الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس.
هل هو حلم ؟.. نعم .. هو حلم على طريق التحقق, هو البوصلة, وهو الطاقة التي تشحن إرادة المقاومة و تحصن ا لوعي الوطني والقومي التحرري من نزعات الاستسلام للأمر الواقع, ومن ترهات ثقافة الهزيمة , فالشعب الفلسطيني مازال يقبض على مفاتيح التحرير والعودة, صامدا في وجه العدوان والتهجير والقتل اليومي, وفي وجه مخطط «سلام القوة”, وأوهام المطبعين. إنها حكاية “مأساة وبطولة”, كما وصفها الشاعر الفلسطيني محمود درويش في رسالة وجهها سنة 2001 إلى شعبه في ذكرى النكبة , تلخص وضعا مازال قائما بمآسيه وبطولاته, وواعدا بتحقيق الحرية والسلام العادل, ومما جاء فيها : ” اليوم هو يوم الذكرى الكبرى، لا نلتفت إلى أمس لاستحضار وقائع جريمة وقعت، فما زال حاضر النكبة ممتداً ومفتوحاً على جهات الزمن، ولسنا في حاجة إلى ما يذكرنا بتراجيديتنا الإنسانية المستمرة منذ ثلاثة وخمسين عاماً، فما زلنا نعيشها هنا والآن، وما زلنا نقاوم تداعيات نتائجها، الآن وهنا، على أرض وطننا الذي لا وطن لنا سواه لن ننسى ما حدث لنا على هذه الأرض الثكلى وما يحدث، لا لأن الذاكرة الجمعية والفردية خصبة وقادرة على استعادة حكاياتنا الحزينة، بل لأن الحكاية-حكاية الأرض والشعب، حكاية المأساة والبطولة، ما زالت تروى بالدم، في الصراع المفتوح بين ما أريد لنا أن نكون، وبين ما نريد أن نكون.
لم ننس البداية، لا مفاتيح بيوتنا، ولا مصابيح الطريق التي أضاءها دمنا، ولا الشهداء الذين أخصبوا وحدة الأرض والشعب والتاريخ، ولا الأحياء الذين ولدوا على قارعة الطريق، الذي لا يؤدي إلا إلى الوطن الروح، ما دامت روح الوطن حية فينا “. لن ننسى أمس، ولا الغد، والغد يبدأ الآن، من الإصرار على مواصلة السير على هذا الطريق.. طريق الحرية، طريق المقاومة حتى التقاء التوأمين الخالدين: الحرية والسلام. “