“لكي نقاوم الأثر التعجيزي الذي يحدثه اقتراب الموت علينا إعادة ترتيب النهايات بعد التأكيد على أبدية الحياة “
فقرة من سيرة “في ترتيب النهايات” . أبو نسيم
صحيح أن حزب الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية لم يعد هو نفسه حزب المهدي وعمر ، وقد عاش هذه الإرتكاسة المتدرجة القهقري منذ يناير 1978 موعد المؤتمر الوطني الثالث ، ليس بسبب المؤتمر ذاته ولكن بسبب الإلتفاف على البيان السياسي العام والذي تم تهريبه لتركيزه على مطلب الملكية البرلمانية كسياق ثقافي للقطع مع مظاهر الإستبداد والحكم الفردي المطلق ، وصحيح أن الصراع الفتي ، السياسي والإيديولوجي ، داخل الحزب قد تم إجهاضه إثر وقائع 8 ماي 1983 وبعده فعاليات المؤتمر الوطني الرابع في يوليوز 1984 ثم صفقة باخرة مراكش ؛ وصحيح ايضا أن الحزب فقد عذريته إثر دخوله تجربة التناوب التوافقي دون شروط تعاقدية ، وحقا أن قيادة الحزب كانت واعية جدا بإنعدام اي تأمين سياسي ، فانتقل الحكم من ملك إلى ملك دون حوالة الحق في المنهجية الديمقراطية ، لكن هيمنة الخط الإنتخابي حالت دون تقييم حقيقي للتجربة ، بالنقد والنقد الذاتي ، وبذريعة إستكمال أوراش الإصلاح ظلت الحقائب هاجسا وجوديا ، زاد الحزب وهنا وتدهورا وتيها ، وكان ما كان وما يحصل حاليا ، وإذا كانت القواعد الحزبية واعية بالأسباب والنتائج ، دون اي رهان على عودة نفس القوة والإشعاع ؛ فإن حقيقة موت حزب الوردة الإعلامية ستظل تتردد على المانشيطات واليافطات كلما تراءى في الأفق إمكانية الإنتعاش والعودة إلى الحياة ، وبذلك سيظل الإتحاد عنوانا للإستهلاك ولجلب المبيعات ، متكررا لا يوازيه في المنافسة سوى صور الملك وجولاته وخطاباته ، على إيقاع استرجاع الأمجاد وتنازع الشرعيات وتبخيس التضحيات ، فليس غريبا أن يتجاهل كثير منا قانون نفي النفي وحتمية الدورة الخلدونية ، لذلك سيبقى واهما من يراهن على تحضير كمي وصوري للمحطة الحادية عشر وبنفس القدر من يراهن على انشطة موازية هنا وهناك ، تحاول أن تستثمر في ذكرى رحيل الفقيد عبد الرحيم بوعبيد كقائد عرف لدى العامة والنخبة باعتداله الفكري والسياسي ، متجاهلين الوقائع الحقيقية والتوتر الذي لازم العلاقة بين رأسي الحزب والقصر ، كانت بداية الثمانينات إلى بداية التسعينيات مسرحا لها ، والتي في ضوئها تمت تسوية الخلافات باسم إنقاذ الوطن من السكتة القلبية ، فكان ما كان ، وانتهت مرحلة التناوب وحلقة المصالحة دون إنجاز سوى قطائع شكلية صغيرة ، وتم تكرار نفس السيناريو مع الاسلاميين ، واليوم لا يمكن الرهان على مجرد تحضير تقني وتنظيمي محض للمؤتمر ، وحتى في هذا الجانب تظل الخلفية والغاية في آخر التحليل إحلال أشخاص محل أشخاص ، أغلبهم يعتبر جزءً من اعطاب مرحلة إجهاض التناوب والفشل في تحويل هذا الأخير إلى تناوب ديمقراطي، ليبقى السؤال حول إمكانية إعادة حزب الوردة إلى ما كان عليه في الماضي ، دون الجواب عن اي ماض يتحدثون وأي حزب يقصدون، حزب استراتيجيا النضال الديمقراطي الذي قطع معه الحزب المتجدد والمتحور بفضل الوافدين من الأعيان والكائنات الانتخابية، وفي ظل أي سياق أو ظرفية ، وبأية موارد بشرية وبأي أدوات فكرية ؟