“على المغرب أن يواصل العمل من أجل الطي النهائي لملف الصحراء ، أي عليه ان ينجز ذلك وهو يفكر في سبتة ومليلية والجزر الجعفرية وكافة الثغور السليبة ، و هذا يقتضي منه أن يجعل من عملية طي ملف الصحراء مدخلا ومقدمة لاسترجاع المدينتين. “
لا يسعنا إلا ان نثمن التحول الذي عرفه الموقف الاسباني في ملف الصحراء بإعلانه الدعم الصريح لمقترح الحكم الذاتي ليصبح منسجما مع مواقف العديد من الدول الفاعلة في مسار قضيتنا الوطنية كفرنسا وألمانيا و على الخصوص الموقف الأمريكي.
وأكيد أن هذا الموقف هو جزء من تسوية شاملة تم انضاجها على مدى زمني طويل نسبيا انطلق منذ اندلاع الأزمة بين البلدين ، أي قبل حوالي سنة من الآن ، وتضم عددا من الجوانب لعل أهمها الأمن والهجرة والإرهاب ، ومفتح المعابر والحدود البحرية ، والعلاقات التجارية والتجار…وفق الأسس و المرجعيات الواردة في الرسالة التي وجهها سانشيز للملك محمد السادس ، وبأمل ضمان استقرار واستدامة هذه التسوية..
فأي مكانة وموقع لسبتة ومليلية المحتلتين ضمن هذه التسوية ؟
ذهبت عدد من الآراء المتحاملة وغير الراضية على التحول الكبير الذي شهدته السياسات الخارجية المغربية التي أصبحت تعتمد حماية مصالح البلاد بوصلة أساسية في توجهاتها ، إلى أن هذه التسوية قد قامت على نوع من التفريط في حق المغرب الأصيل في استرجاع الثغرين المحتلين.
ومع ان السياسات الخارجية المغربية قد جعلت من قضية الصحراء رأس رمح أدائها وقاطرة للمشروع الوطني ككل ؛ غير أن موضوع استرجاع سبتة ومليلية سيبقى في صلب مشروع استكمال وحدة التراب الوطني.
لا يوجد في ما تم تعميمه حتى الآن بخصوص عناصر التسوية أية إشارة سواء صراحة أو ضمنا يفهم منها أن الدولة المغربية فرطت في حقها في المطالبة والعمل على استرجاع المدينتين. وبغض النظر عن عدم أحقية أي كان في التفريط في أي شبر من الوطن فان الإشارة الواردة ، في نص رسالة سانشيز ، الى الاحترام المتبادل للوحدة الترابية للبلدين لا يعني إلا التراب التاريخي والقانوني لكل من الدولتين وليس التراب المتحصل من الاحتلال.
ومع أن وضع المدينتين يشكل ورقة ضغط تكتيكية قوية في المفاوضات التي جرت وستستمر بين البلدين. غير أن السياسات التي انتهجها المغرب تجاه المدينتين والتي انطلقت بوضع حد لاقتصاد التهريب ، والتخطيط لخلق فضاء اقتصادي وطني قوي وجذاب ، يحيط بالمدينتين (مينائي طنجة والناضور – موازاة مع خطط دعم المتضررين من منع تجارة التهريب وتنمية المناطق المجاورة عن طريق خلق مناطق صناعية وغيرها..) كل ذلك ينم عن رغبة كبير في إنضاج شروط استرجاع المدينتين. شروط يجب استكمالها بالإغلاق النهائي لملف الصحراء على اعتبار صعوبة فتح أكثر من جبهة (تحريرية)في نفس الآن ؛ فإلى حدود يومه نجح المغرب في تعديل المعادلة الناظمة للعلاقات الإقليمية لتصبح معبرة أكثر عن المكتسبات التي تحققت على الأرض ..غير أن اعينه يجب ان تبقى شاخصة ويقظة نحو الشمال ؛ وعلى المغرب ان يواصل العمل من أجل الطي النهائي لملف الصحراء ، أي عليه ان ينجز ذلك وهو يفكر في سبتة ومليلية والجزر الجعفرية وكافة الثغور السليبة ، و هذا يقتضي منه أن يجعل من عملية طي ملف الصحراء مدخلا ومقدمة لاسترجاع المدينتين.
يبدو أن باب التسوية الجدية انطلق وقد توازيه ردود فعل متباينة ، أغلبها موضوعي و مؤطر بالتحولات الجيوستراتيجية ، ونادرها مصالحي ضيق ، وعلى سبيل المثال فيوم أمس أثارت خريطة المغرب المنشورة في موقع السفارة في مدريد لغطا إسبانيا كبيرا ، لأنها تضم سبتة وليلية بوصفهما مدينتين مغربيتين ، وهو توتر منتظر كجزء من تداعيات قضية بنيوية تستدعي كلفة ومزيدا من التضحية وبروح العقلانية .
* رئيس المركز المغربي للديمقراطية والأمن