“متحدون لإسقاط التطبيع”. طبعا المغاربة متحدون لإسقاط التطبيع، ومن الواجب عليهم أن يفعلوا لأن المسألة تتعدى ما نسميه أو يسمونه بالتطبيع إلى حقيقة أعمق وأخطر اسمها الاستعمار الصهيوني للمغرب والوطن العربي بعد أن استعمرت الصهيونية الدول العظمى.
منذ أمد طويل والبعض يعمل على إيقاعنا في أكذوبة كبيرة اسمها اليهود المغاربة في إسرائيل وإقناعنا بها، بينما الحقيقة أن اليهود المغاربة الذين قرروا الانتماء إلى الصهيونية قرروا قبل ذلك الانسلاخ عن الجنسية المغربية والتجنس صهيونيا. لقد قرروا أساسا الانتماء إلى جنسية تحمل فكرةً وإيديولوجية تقوم على القتل وعلى الإجرام. إيديولوجية نظمت نفسها للقتل والسلب والنهب، باكتساح أراضي الغير ونهب أملاكهم وتهجير السكان والقيام بمذابح جماعية متوالية في دير كرم ودير ياسين وصبرا وشاتيلا وابادات جماعية وحروب في تواريخ لا حصر لها منذ 48 إلى اليوم في الشيخ جراح وفي النقب وغيره.
هذه العصابة الدولية تقتِّل كذلك بأيادي عربية عددا من الشعوب الإسلامية والعربية في اليمن وسوريا ولبنان والعراق…واللائحة طويلة، وتجوعها وتعمل على إبادتها، وجحافل من ضحاياها يعيشون تحت الخيام بأماكن شتى في البؤس والفاقة.
الدليل على انسلاخ عدد من اليهود المهاجرين إلى إسرائيل من هويتهم المغربية أن عددا كبيرا ممن كانوا مغاربة هم اللذين يكونون زعماء العصابات ومجرمي الحرب في إسرائيل اللذين يفترض أن تلاحقهم الشرطة الدولية.
عانت أوربا لا شك من عمل هذه العصابات الإجرامية. فقد قامت دول أوربا بمعاقبة هذه الإيديولوجية الإجرامية الصهيونية. وعملت في فترة على ملاحقة اليهود ومعاقبتهم بطرق تصل إلى الهمجية.
تحركات بعض من يسمون باليهود المغاربة لإحياء العلاقة مع ما يدعون أنه تاريخهم بالمغرب، ومع المدن والقرى المغربية في السهول والجبال، أعلنت عن ان اسمها الصهيونية وإسرائيل وتعرت تماما.
كان يتم ذلك تحت اسم اليهود المغاربة، أما الآن فقد أعلنوا عن اسم إسرائيل وأزالوا ما كانوا يتخفون تحته من أقنعة ومسوح وأغصان يتحركون بها وتحتها.
التطبيع في المفهوم الصهيوني يعني الاستعمار. إسرائيل هي الاستعمار الجديد وهناك أدلة كثيرة دامغة على ذلك:
نرصد ما يجري في مختلف مناطق المغرب من تحركات إسرائيلية لإرساء ما يسمى بمراكز الذاكرة والتراث الديني والهوية اليهودية، وبالمراكز الثقافية التي مر الحديث عنها من اسم اليهود المغاربة إلى التصريح باسم إسرائيل.
ثم نرصد مراكز ومشاريع لتعليم العبرية بالرغم من كون اليهود المغاربة منذ القديم مع وجود مدارس عبرية لم يكونوا يعرفون العبرية ولا يتكلمونها، بل لغة اليهود المغاربة العادية اليومية هي اللغة المغربية أي العربية والبربرية.
ونرصد تغيير برامج التعليم وتغيير القيم الثقافية والاجتماعية والدينية والإنسانية للمغرب والمغاربة.
ونرصد الندوات والمحاضرات والملتقيات والتجمعات والأنشطة العلمية الفكرية التي يتخفى أو يظهر الفكر الصهيوني الإسرائيلي الثعلبي الذئبي أو الإجرامي الوقح في خطاباتها وأفكارها.
ونرصد أشباه رجال ونساء الإعلام وما يعلمون به ويشعرون له ويدعون إليه وينشرونه من صهيونية وصهينة.
ونرصد المهرجانات والسهرات والفنون والفنانين والأنشطة الفنية وما تركز عليه من حضور صهيوني يسمى يهودي، ومن مغاربة يفتعلون الفن والفكر اليهودي.
تنخرط في ذلك وتتفاعل معه أسماء وأشخاص يتم تلميعهم وإعطاؤهم هالات من النجومية والإشعاع الذي يعشي بعض الأبصار كي يتحولوا إلى قدوات تثير الإعجاب ويتعين اتباعها والتسابق على الاقتداء بها والنيل من بركاتها.
كل هذا يعني أن اليد الصهيونية صارت بالغة وحاكمة بأمرها في المغرب. لقد دربت وكونت على مدى من الزمن ميليشيات مسلحة جاهزة تم ضبطها بالجرم المشهود، وأرست قواعد بشرية خلفية لتحركاتها، ومرت للسرعة القصوى بتحالف عسكري مضحك وهزلي لحماية المغرب من جيرانه وأشقائه الجزائريين، بينما الحقيقة العسكرية للصهيونية هباء وادعاءات، لكونها تحتاج من يحميها وتبتز أمريكا وأوربا وكثير من دول العالم وتعتمد عليهم لحمايتها من الحجارة التي يقاوم بها الأحرار. الصهاينة لم يستطيعوا مرة حماية أرضهم أو شعبهم، تنتصر عليهم غزة بما تصنعه في ورشات الحدادة، وهم يأتون ليتشدقوا بحماية مغرب له جيش من الأشاوس، أسود الأطلس الذين سوف يلتهمونهم في لقمة سائغة.
يسعى الصهاينة كما يفعلون في كل نقطة بالوطن العربي والإسلامي لإشعال نيران الحرب بين الشقيقين المغرب والجزائر، ويتحركون بمكر ولؤم محاولين التسلل والتسرب للغدد الحرة في الجسد المغربي، ولتفكيك مفاصل الأمة.
في كل الشعوب والأمم يوجد ضعاف النفوس ممن يسهل إغواؤهم أو تضليلهم أو شراؤهم، وطبيعي أن يقبل هذا الصنف ببيع نفسه للمجرمين الصهاينة.
ليس السيء هذا فقط فيمكن لأي نذل أو كائن من الأرذال أن يبيع ضميره من أجل موقع أو موقف، ويمكن لأي جائع ذليل أن يفعل ذلك من أجل كسرة خبز يابس، بينما العرب يقولون: تجوع الحرة ولا تاكل من ثديها.
الأسوء من ذلك أن يقع مناضلون لهم تاريخ في هذا المستنقع، وأن يقع من ننخدع فنعتبرهم مثقفين وجامعيين وفعاليات وأحزاب وقيادات في هذا العفن والرذالة.
إننا نعيش زمن السقوط الإنساني، حيث تمرغ الكرامة، وتسقط القيم، ويتحول الإنسان إلى كلب يتبع من يلقمه حجرا. وسأقرأ بالمناسبة قصيدة الكلب:
الكلب
يُلْقِمُ للكلبِ الجائعِ
حَجَراً
يتبعهُ الكلبُ
الكلبُ
يمارسُ طقسَ قبيلتِهِ
يلْعَقُ كَاحِلَ صاحِبِهِ
حَلْقَتُهُ
في أطرافِ الكَفّْ
الكلبُ
يُمارسُ خِبْرَتَهُ الأَزَلِيَّةَ
حِينَ يُشيرُ إِليْهِ
“أتشابلو”
يَنهَشُ لَحْمَ المَصْلُوبْ
ويُمَزِّقُ بُرْدَ
مُحَمَّدْ
* تدخل قدمت خلاصته عبر تقنية زوم، في الملتقى المغربي الذي دعت إليه “مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين”، والمنظم تحت”شعار متحدون لإسقاط التطبيع”
وذلك يوم 16 يناير 2022