انتقدت الجبهة الاجتماعية المغربية، خضوع الحكومات المغربية المتعاقبة، لإملاءات المديونيات الخارجية، موضحة في بلاغ توصلنا بنظير منه، أنه “وبعد أربعة عقود من تنفيذ الحكومات المغربية لإملاءات صندوق النقد الدولي والبنك العالمي بلغ تخريب القطاع العمومي مستويات متقدمة بفعل خوصصة المؤسسات العمومية وتقليص الميزانيات الاجتماعية الموجهة للتعليم والصحة والحماية الاجتماعية”.
وأكدت الجبهة، في ذات السياق، أن هذه الإملاءات أدت إلى انهيار القدرة الشرائية لفئات شعبية واسعة نتيجة الإجهاز على نظام المقاصة، وإطلاق يد الاحتكاريين والمضاربين لمضاعفة أسعار المواد والخدمات الأساسية، وبلغت البطالة أرقاما قياسية تعجز الإحصائيات الرسمية عن إخفائها، مشيرة إلى اكتساح هشاشة الشغل كل قطاعات الإنتاج، وامتدادها للقطاع العمومي، وخصوصا قطاع التعليم الذي أصبح ثلث العاملين به في خانة المتعاقدين.
وحذرت ذات الجهة، من أن التبعات السلبية لهذه الإملاءات، تغرق البلاد في دوامة المديونية التي تستعملها الإمبريالية ذريعة لفرض المزيد من التبعية وتطبيق نفس السياسات التخريبية، وإبرام اتفاقيات التبادل الحر المجحفة، كما تكرست الفوارق الطبقية والمجالية باعتراف نفس هذه المؤسسات، فضلا عن تفاقم اللامساواة الجنسية، حيث إن معدل الأجر لدى النساء يقل بنسبة 30% عن مثيله لدى الرجل، والبطالة في صفوفهن أكثر، معتبرة أن سياسة التقويم الهيكلي لم تنته بنهايته المعلنة (1993) بل ظلت نفس الاختيارات النيولبرالية مستمرة على شكل سياسات الخوصصة والتقشف وضرب الخدمات الاجتماعية العمومية.
وأبرزت الجبهة أن استعداد البرلمان المغربي للمصادقة، في اللحظات القادمة، على مشروع قانون يقضي بإحداث “شركات جهوية متعددة الخدمات”، وبالتالي سيتم تعميم الخوصصة على جميع جهات المغرب وإخضاع ماء الشرب والكهرباء وتطهير السائل والإنارة العمومية لقانون السوق، مما سيشكل عائقا جديدا أمام ولوج المواطنات والمواطنين لهذه الخدمات الأساسية، ويحرم أغلبهم من التوفر على شروط الصحة وتعليم الأطفال ويعمق بالتالي من واقع الفقر والبؤس الذي ترزح تحته قرى وهوامش المغرب.
وجاء بلاغ الجبهة، وفق مضمونه، تفاعلا مع عقد مجموعة البنك العالمي وصندوق النقد الدولي اجتماعاتهما السنوية بمراكش من 9 إلى 15 أكتوبر القادم، بحضور مجموعة من وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية وممثلي الشركات الكبرى بالعالم، وهي خطوة غير مسبوقة وتحمل الكثير من الدلالات، حسب الجبهة، علما بأن اجتماعات هاتين المؤسستين لم تنعقد بإفريقيا سوى مرة واحدة (سنة 1973).
وأضافت أن انعقاد هذه الاجتماعات بالمغرب، يرمز إلى مباركة السياسات الاقتصادية والاجتماعية المتبعة بالبلاد، منذ تطبيق برنامج التقويم الهيكلي السيء الذكر سنة 1983 واحتفالها بالدمار الاجتماعي الذي خلفته هذه السياسات في مجالات التعليم والصحة والشغل وغيرها، وتحريضها للحكومة قصد المضي في ضرب مكتسبات الشغيلة والشعب المغربي عموما.
واعتبرت الجبهة حضور وفد عن الكيان الصهيوني لمراكش قصد المشاركة في الاجتماعات المذكورة، في الوقت الذي تواصل فيها القوات الصهيونية احتلال وضم الأراضي الفلسطينية وهدم المباني على رؤوس ساكنيها بمن فيهم الأطفال والشيوخ، فضلا عن اعتقال واغتيال الآلاف، “استباحة” لأرض المغرب، داعية “كافة القوى المعارضة لاختيارات صندوق النقد الدولي والبنك العالمي والرافضة للتطبيع مع العدو الصهيوني، إلى حضور اجتماع مقرر يوم السبت 3 يونيو المقبل، لإطلاق دينامية نضالية وحدوية، على الصعيدين الوطني والأممي، قصد تنظيم تظاهرات احتجاجية وفكرية وإشعاعية مضادة لاجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك العالمي بالمغرب”.