(كش بريس/خاص) ـ رحل عن دنيانا الفانية، صبيحة يومه الثلاثاء بمراكش، الشاعر والفنان التشكيلي والكاليجرافي مولاي الحسن حيضرة، مخلفا وراءه أعمالا عظيمة تشهد له عن عبقريته الفذة وعلو كعبه في الفنون التشكيلية والحروفية الوطنية والعربية.
ويعتبر مولاي الحسن حيضرة، ابن حي باب دكالة بالمدينة العتيقة، أحد أهم مؤسسي الحروفية المغربية والعربية، حيث اشتغل في مجال تخصصه منذ ما يقرب الأربعين عاما ونيف. عرض أعماله في كبريات المعارض الدولية في أوروبا وآسيا وأفريقيا. وشكل خلال العشرية الأخيرة من عمره الإبداعي، طفرة نوعية في التشكيل الفني والكاليجرافي، مزج فيها بين تطويره لإمكانيات الخط العربي وإبداعية التشكيل ألوانا ورؤى فريدة وعالية الذوق.
ومعلوم أن الفنان الراحل كان محبا للعزلة، نافرا من الأضواء، يعيش بمنزل والديه في غرفة منعزلة مع كتبه وألواحه الفنية، جمع أجمل قصائده خلال العامين الماضيين، في ديوان حمل عنوان “أنا أكتب إذا أنا أمحو”، وكان ينوي طباعة مجموعة جديدة يوثق فيها تجربته خلال الجائحة، لكن الموت باغته، في لحظة لم تسعفه أحلامه الكبيرة في إنجاز مشروعه الفني الذي كان يطمح في نشره في المغرب، ينظر فيه لعلاقة الهوية الحضارية للمغاربة بالحروفية ..
كان حيضرة علامة بارزة في تأسيس جماعة ديوان مراكش الشعرية بداية تسعينيات القرن الماضي، رفقة الشعراء والباحثين أحمد بلحاج ايت وارهام ومالكة العاصمي ومصطفى غلمان ونجاة ازياير واسماعيل زويريق والبشير النظيفي وعلي الخامري، وارتقى نجم التأصيل لمجلتها المخطوطة “منتدى الديوان” التي كان يشرف عليها حروفيا وفنيا.
توج سنة 2019 بجائزة محمد السادس للحروفية حيث تم استقباله من قبل الملك ووسط حضور ثقافي وازن، وكانت بالنسبة إليه لحظة فارقة، غمرت جزءا من قلبه الشفيف، بوسم غير مسار رؤيته للمحيط الفني والإشعاعي بشكل لافت. لكنه لم يتوقف رحمه الله يوما عن البحث والنحث في الأشياء الهاربة، وفي الإتيان بكل ما يفيد العقل والنفس والوجدان.
تغمده الله بواسع رحمته و أسكنه فسيح جناته وألهم ذويه الصبر والسلوان وإنا لله وإنا اليه راجعون