حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، في تقرير حديث لها، من أن “البنات اللاتي يتزوجن في مرحلة الطفولة يواجهن تبعات مباشرة وأخرى تمتد مدى الحياة، وتكون الأرجحية أقل أن يبقين في المدارس، كما يواجهن خطرا أكبر بالحمل المبكر الذي يزيد بدوره خطر المضاعفات الصحية والوفيات بين الأطفال والأمهات”، مؤكدة على أنه “يمكن أن تؤدي هذه الممارسة إلى عزل البنات عن أسرهن وصديقاتهن واستبعادهن عن المشاركة في مجتمعاتهن المحلية؛ وهو ما يتسبب في أضرار كبيرة على صحتهن وعافيتهن العقليتين”.
وحسب الوثيقة المنشورة اليوم الأربعاء على موقع المنظمة، اطلعت “كش بريس” على نظير منها، أن معدلات زواج الأطفال، ولا سيما الفتيات، واصلت التراجع في العقد الأخير في العالم؛ لكن بوتيرة بطيئة للغاية، محذرة من أن القضاء على هذه الظاهرة سيستغرق أكثر من 300 سنة إذا ظلت الأمور على حالها.
وقالت كلوديا كابا، المعدة الأساسية للتقرير، لوكالة فرانس برس، “لقد أحرزنا بلا شك تقدما على صعيد التخلي عن ممارسة زواج الأطفال، خصوصا في العقد الماضي؛ لكن هذا التقدم ليس كافيا”، مضيفة في ذات السياق، “إذا استمر العالم بنفس الوتيرة، فسيستغرق الأمر 300 عام حتى تقضي آخر دولة في العالم على زواج الأطفال”.
ولفتت المعدة الأساسية للتقرير سالف الذكر إلى أن “هذه الزيجات تتعلق أساسا بالفتيات اللائي تتراوح أعمارهن بين 12 و17 عاما”.
وأوضحت اليونيسيف، في التقرير نفسه، إنه “رغم التراجع المستمر في معدلات زواج الأطفال في العقد الأخير، فإن ثمة أزمات عديدة تهدد بتراجع المكتسبات التي تحققت بشق الأنفس في هذا المجال، بما في ذلك النزاعات والصدمات المناخية والتأثيرات الجارية لجائحة كوفيد-19”، متابعة: “يتعين أن يكون التراجع العالمي أسرع بـ20 ضعفا لتحقيق هدف التنمية المستدامة بإنهاء زواج الأطفال بحلول عام 2030”.
ونقل التقرير عن كاثرين راسل، المديرة التنفيذية للمنظمة التابعة للأمم المتحدة، قولها إن “العالم غارق في أزمات فوق الأزمات القائمة التي تحبط آمال الأطفال المستضعفين وأحلامهم، لا سيما البنات اللاتي يجب أن يكن طالبات على مقاعد الدراسة وليس عرائس”، مضيفة، “علينا أن نبذل كل ما في وسعنا لضمان حقوق الأطفال بالتعليم وبحياة قائمة على التمكين”.
كما ونبهت المنظمة، من أن “الأزمتين الصحية والاقتصادية وتصاعد النزاعات المسلحة والتأثيرات المدمرة لتغير المناخ تجبر الأسر على السعي إلى ملاذ زائف من خلال زواج الأطفال”، لافتة الانتباه إلى أن تداعيات جائحة كوفيد-19 “أدت إلى تقليص عدد الحالات التي كان يمكن تجنبها في مجال زواج الأطفال بمقدار الرُبع منذ العام 2020”.
وحسب التقرير فإن “640 مليون فتاة وامرأة يعشن اليوم تزوجن أثناء طفولتهن، أو 12 مليون فتاة سنويا”، مضيفا أن “نسبة الشابات اللاتي تزوجن في مرحلة الطفولة تراجعت من 21 في المائة إلى 19 في المائة منذ إصدار آخر تقديرات قبل خمس سنوات”.
وحذر التقرير من أن “منطقة إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى — والتي توجد فيها ثاني أكبر حصة من المجموع العالمي للعرائس الطفلات (20 في المئة) — تحتاج إلى أكثر من 200 سنة لإنهاء هذه الممارسة بحسب المعدل الحالي للتقدم”.
كذلك فإن “منطقة أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي أخذت تتخلف عن الركب أيضا، وهي على مسار سيجعل معدل زواج الأطفال فيها ثاني أعلى معدل إقليمي في العالم بحلول عام 2030″، وفقا للتقرير.
وفي منطقتي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأوروبا الشرقية وآسيا الوسطى، فقد “توقف التقدم فيهما بعد فترات من التقدم المستمر”، حسب “اليونيسيف”.
أما منطقة جنوب آسيا فهي، حسب التقرير، “تواصل دفع التقليص العالمي لظاهرة زواج الأطفال وهي على مسار إنهاء هذه الظاهرة بعد حوالى 55 سنة”.
لكن، مع ذلك، “تظل المنطقة موطنا لحوالي نصف (45 في المائة) العرائس الطفلات في العالم”.
ونوه التقرير إلى أن الهند التي “حققت تقدما قياسيا في العقود الأخيرة، ما زال يوجد فيها حوالي ثلث المجموع العالمي” من زيجات الأطفال.
وحذرت “اليونيسيف” من أن “البنات اللاتي يتزوجن في مرحلة الطفولة يواجهن تبعات مباشرة وأخرى تمتد مدى الحياة، وتكون الأرجحية أقل أن يبقين في المدارس، كما يواجهن خطرا أكبر بالحمل المبكر الذي يزيد بدوره خطر المضاعفات الصحية والوفيات بين الأطفال والأمهات”، مضيفة أنه “يمكن أن تؤدي هذه الممارسة إلى عزل البنات عن أسرهن وصديقاتهن واستبعادهن عن المشاركة في مجتمعاتهن المحلية؛ وهو ما يتسبب في أضرار كبيرة على صحتهن وعافيتهن العقليتين”.