كتب: عبد المجيد ايت اباعمر
على ضفاف نهر “الزات” التئم جمع نخبة من رواد الشعر والقصة والنقد الأدبي على مائدة حفل باذخ، شهد توقيع المجموعة القصصية الموسومة: “الكاس المكسورة” القاص سي حاميد اليوسفي. في رحاب فندق شهير بمدينة ايت اورير، صبيحة الأحد 21 ماي 2023.
استهل هذا الحفل بالكلمة الترحيبية للمنتدى المغربي للحكامة الإجتماعية، باعتباره الجهة التي بادرت بتنظيم هذا الإحتفاء على شرف الكاتب والقاص سي حاميد اليوسفي، الذي أجمعت مجمل التدخلات والقراءات النقدية في منجزه القصصي على انتماءه للمدرسة الواقعية الجديدة، وتميز إبداعاته المشحونة بطاقة حكي مفعم بالدلالات، صيغت بأسلوب شائق وآسر، تنتصر للبسطاء والمحرومين والمنسيين…بوعي شقي وجرأة نقدية لواقع اجتماعي مأزوم.
ومن وحي معاشرته لكتابات القاص اليوسفي، قدم الأستاذ موسى مليح مداخلة بعنوان: “موسيقى الكأس المكسورة” مستحضرا المرجع السيميائي في استلهام ايقونات متنوعة متضمنة في النصوص السردية للكاتب، من خلال استعراضها وفق ترتيب موسيقي بصري دال.
ومن زاوية أخرى، تطرق الباحث فيصل ابو الطفيل في مداخلته ل: “شعرية المفارقة في الكأس المكسورة” كتقنية تتكرر بشكل كاسح وتخرج عن المألوف في قصص المجموعة. متوقفا عند انواع المفارقات، وبلاغة الإنزياح، وملمح التناص، ومظاهر الدهشة والإثارة، وجمالية السرد بين الذات والموضوع، والدال والمدلول…
وارتكزت مداخلة الأستاذ رضوان كعية حول: ” جدلية الصمت والمعنى في الكأس المكسورة” معددا صور الصمت باعتباره قوة فاعلة في تسلسل الأحداث، أو صيغة من صيغ تدبير المعنى، مؤكدا على أن الصمت دعوة صريحة لحسن الإصغاء، وطرد للعبارات الفارغة من المعنى…
وقدم الشاعر والناقد عزيز المعيفي بدوره مداخلة صاغها على شكل مطارحات هادئة بعنوان: “تقاسيم على مقام الكأس المكسورة” واصفا المحتفى به ب: “قاهر فوضى الحياة، المجيد في ترتيب أولوياته، والمنتصر لقيم الجمال، المنحاز للقاع الشعبي، المنفتح على الكتابة في بعدها الإنساني، الموثق للذاكرة بسخاء فني، يعج بالحركة، ويلتحف لغة باذخة…” وبمبضع الخبير تعقب الناقد عزيز المعيفي مسار البنية السردية للنص التأسيسي”الكاس المكسورة” ضمن المجموعة القصصية، وفق مقاربة تداولية، سبرت أغوار شخصياته، وامكنته، وحبكته الفنية، ورؤاه، واصفا إياه بالنص الدائري الإشكالي الفاتن…
وقد أدار باقتدار مداخلات الجلسة النقدية، الاستاذ محمد ياسين .
هذا وتجدر الإشارة،ان هذا اللقاء يأتي في إطار تحضير المنتدى المغربي للحكامة الإجتماعية لانعقاد الملتقى الجهوي الثالث للقصة القصيرة – ايات ورير.
*القاص سي حاميد اليوسفي يؤكد:
اخترت طريق الكتابة لأن للحلم بقية…
القاص سي حاميد اليوسفي أستاذ اللغة العربية متقاعد، مناضل نقابي، اختار في الربع الأخير من عمره أن يكتب – كما قال خلال كلمة بليغة ألقاها في محفل تكريمه وتوقيع مجموعته القصصية: “الكأس المكسورة” بايت اورير- أن يكتب قصصا بتيمات الإخفاق والنجاح، الفرح والحزن…، بعدما قضى زمنا طويلا يستمع لآلام الناس وآمالهم وحماقاتهم..، معبرا عن ذاكرة رفضت أن تنسى أو تنام…
و من تم اكد قائلا:” اخترت طريق الكتابة لأن للحلم بقية، و”الكأس المكسورة” جزء من هذا الحلم.. واضاف: “أنا لا اكتب لقارئ محدد، اكتب احيانا للبسطاء مثلي، عن واقع قد يكونوا هم أنفسهم ابطاله، اكتب لبائع السجائر بالتقسيط، والبائع المتجول، وعمال المقاهي، وللنساء اللواتي رمتهن ظروف صعبة في جحيم الحياة، وكل المقهورين. لا اعرف أن كانت نصوصي ستصل إليهم ام لا.. اكتب أيضا لأصدقائي، اكتب للمستقبل، ولإرضاء رغبة دفينة في النفس، اكتب لكي لا انسى، أو أنسى بالفتحة والضمة”.
واختتم القاص سي حاميد اليوسفي كلمته، مجددا الشكر لقراءه ومحبيه، متمنيا أن يكون موفقا للمساهمة في نشر عدوى الحكي…
لقد كان احتفاءا في مستوى الحدث، فالمحتفى به قاص من الطراز الرفيع، كل كتاباته تشخيص لواقع الشرائح المقهورة داخل المجتمع من بداية السبعينات إلى يومنا هذا.
ناهيك ان الرجل بقي منزويا يكتب لمتتبعيه على صفحته في الفيس بوك بعيدا عن الأضواء. لكن حان الوقت لأن يخرج هذا ” الإبداع ” الفريد من نوعه إلى الوجود وهو ماتم فعلا بهذه المبادرة القيمة للمنتدى المغربي للحكامة الاجتماعية بآيت اورير جزاهم الله خيرا.
مزيدا من التألق والعطاء للاستاذ المبدع سي حاميد حاميد اليوسفي ان شاء الله.