كتب: نورالدين بلكبير
أثارت حادثتا الاعتداء على رجلي أمن بالشارع العام خلال مزاولتهما لمهامها من طرف جانحين، ردود فعل كبيرة لدى كل من شاهد هاذين التسجيلين، إذ بعد التعبير عن إدانة الحدثين والتضامن مع الشرطيين والمطالبة بمعاقبة الجناة طبقا للقانون، أعاد البعض تكرار مقترح الاستعمال المباشر للسلاح الناري لتوقيف مثل هذه الاعتداءات.
إن تعدد مثل هاته الاعتداءات له عواقب خطيرة على معنويات رجال الأمن، خاصة عندما يتم ذلك وسط حشود كبيرة من المواطنين والمواطنات، وهو ما يشكل خطرا كبيرا، وعلى رأسه دفع رجال الأمن للقيام بأخطاء جسيمة خلال ممارسة المهام ( وقد أكدت الدراسات أن العياء و الإحساس بالإهانة وعدم وو … على رأس أسباب الأخطاء المهنية غير المتعمدة…), كما أنه يحيي لدى الساكنة مقولة الأمن الذي لا يستطيع حماية رجاله ونسائه، كيف له أن يحمي المواطنين والمواطنات.
وللتذكير، فالظاهرة أصبحت عالمية، وتتعاظم في عدة دول بشكل كبير نتيجة عدة عوامل سياسية واقتصادية واجتماعية.
الادارة العامة للأمن الوطني أصدرت بيانا تخبر فيه بتوقيف الجناة، ويمكن أن يتم استقبال المعنيين بالأمر من طرف رئيسهم أو حتى ترقيتهم، ولكن هاته الإجراءات غير كافية، لأنها ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة التي يتعرض فيها رجال الأمن العمومي لمثل هاته الأفعال الإجرامية، لذا نتمنى أن تكون هاته فرصة لإعادة النظر في بعض طرق الاشتغال، وتعديل بعض القوانين، خاصة أن مجتمعنا تغير وهو ينحو اتجاه العنف بشكل كبير، رغم أن الجميع لا يريد التعبير علانية عن ذلك، وبالتالي سيتعرض المزيد من رجال الأمن لمثل هاته الأفعال الإجرامية خلال ممارسة مهامهم، صحيح أن القانون يسمح باستعمال الذخيرة الحية، كما أن القانون الدولي الانساني يبيح ذلك شريطة عدم الافراط فيه، وأنه يستعمل في العديد من الدول، ولكن في حالة وحيدة هي عندما يعرض المعتدي حياة الشرطي أو حياة الغير للخطر، لذا ففي العديد من الدول يكون الأمر شبه محسوم، لأن الجاني يكون مسلحا بسلاح ناري، وهو ما يجعل فرضية الدفاع عن النفس تسهل المساطر، لكن بالمغرب غالبا ما يكون الجاني يحمل إما سكينا أو عصا ، كما في هاتين الحالتين مما يجعل أمر استعمال السلاح الناري محفوف بالمخاطر ، بدءا من الطلقة التحذيرية، وصولا إلى الطلقة لشل حركة المعتدي. وهذا يحمل احتمال القتل غير العمد، وهو ما يتجنبه الكثير من رجال الأمن، خوفا من التبعات القانونية لذلك.
لذا على إدارة الأمن الأستفاذة من تجارب الاخرين لمعالجة من هاته الأحداث، ومن بينها إدماج التعامل مع مثل هاته الحالات في التكوين وإعادة التكوين، باستعمال الأساليب المتداولة والتي أكدت نحاعتها، وعلى رأسها استعمال كل من (Taser و Shokers).
وللتذكير، هما مسدسين يصيبان بشحنة كهربائية عالية تشل حركة المعتدي في الحين، وهما أداتين عبرتا عن فاعليتهما في العديد من المواقف، ورغم أن (Taser) قدمت بشأنه ملاحظات من بعض الهيئات الحقوقية، نظرا لكونه يمكن في حالة كان المعني بالأمر يعاني من مضاعفات في القلب، فإنه قد يتوفى جراء تلقي الشحنة الكهربائية ، إلا أن هذه الهيئات، وعلى رأسها منظمة العفو الدولية، لم تطالب بمنعه، ولكن طالبت بهدم تعميمه، أي عدم جعله أداة للتوقيف في الحالات العادية ( interpellation )، ولكن يبقى دائما للدفاع عن النفس، وأن لا يستعمل إلا كآخر حل، كما أن على مستعمليه الاستفاذة من التكوين الخاص بذلك، بالإضافة إلى أن جهاز (Le Taser) في نسخته الجديدة ( Le Taser X26) يحمل عدة خاصيات، والتي تجعله يتناسب مع المواقف ( وعددها 3) كما أنه يوفر مسافة استعمال آمنة.
وفي الأخير أشير إلى ملاحظتين:
- أنه من أولى مهام الدولة هي الحفاظ على سلامة وأمن مواطنيها ومواطناتها وممتلكاتهم.
- ككل شكل من أشكال التدخلات ممكن أن تخلف (des dommages collatéraux)، وهنا أشير إلى أنه خلال حوالي 3000 تدخل باستعمال (Le taser) من طرف الشرطة للدفاع عن النفس في إحدى الدول سجلت حالة وفاة واحدة لدى مصاب بمرض القلب.
وفي الأخير لكل من يتساءل، كيف لمن يمارس الدفاع عن حقوق الإنسان، أن ” يحرض على هذا” أحيله على أحكام المحكمة الأوربية لحقوق الانسان ، خاصة الحكم الصادر في حق دول بريطانيا.