(كش بريس/العزيزي اللمتوني) ـ يعد البناء العشوائي ودور الصفيح من الظواهر السلبية التي تعيق التنمية الحضرية في المغرب. تتحمل السلطة المحلية، وخاصة رجال السلطة، وبعض المنتخبين والسياسيين مسؤولية كبيرة في مواجهة هذه الظواهر، أو للأسف، في تعزيزها.
البناء العشوائي ودور الصفيح من التحديات الرئيسية التي تواجه المدن المغربية. هذه الظواهر تنبع غالبا من الفقر، البطالة، والهجرة من القرى إلى المدن، مما يؤدي إلى إقامة مبانٍ غير قانونية وغير مخططة تفتقر إلى البنية التحتية والخدمات الأساسية.
رجال السلطة هم الأداة الأساسية في يد السلطة المحلية لمكافحة البناء العشوائي. تكمن مسؤوليتهم في إنفاذ القوانين العمرانية، الإشراف على التخطيط الحضري، وضبط المخالفات في مهدها. من أبرز العوائق التي تواجه رجال السلطة هو الفساد. بعض الأعوان يتلقون رشاوى من المخالفين، مما يسمح بمواصلة البناء غير القانوني دون تدخل. هذا الفساد يجعل من الصعب تطبيق القوانين وتنفيذ العقوبات.
كما يعاني بعض رجال السلطة من نقص في الموارد البشرية والمادية، مما يعيق قدرتهم على أداء مهامهم بفعالية. عدم وجود التجهيزات المناسبة والأطر المؤهلة يؤدي إلى ضعف الأداء وعدم القدرة على مراقبة جميع المناطق. كما قد يواجه رجال السلطة أحيانا ضغوطات من المجتمع المدني أو الجهات السياسية، مما يمنعهم من اتخاذ الإجراءات اللازمة ضد المخالفين. هذه الضغوطات قد تكون نتيجة علاقات شخصية أو مصالح اقتصادية.
القضاء على دور الصفيح يتطلب إرادة سياسية قوية وبرامج تنموية شاملة، وربط المسؤولية بالمحاسبة، مع التركيز على حلول طويلة الأمد واستراتيجيات مستدامة بدلا من الحلول القصيرة الأمد. غالبا ما يتم الإعلان عن مشاريع سكنية بديلة، لكن تنفيذها يتأخر بسبب البيروقراطية أو المشاكل المالية، مما يترك سكان دور الصفيح في وضعية هشة.
يلعب الفساد دورا كبيرا في استمرار دور الصفيح، ويمكن للفساد تعطيل مشاريع إعادة الإسكان وتوجيه الأموال العمومية إلى جهات غير مستحقة. وكشفت فاطمة الزهراء المنصوري، وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، في وقت سابق، عن رقم خيالي يتعلق بأشخاص استفادوا أكثر من مرة من قطع أرضية في سياق محاربة دور الصفيح، دون وجه حق. وحددت الوزيرة عدد المستفيدين أكثر من مرة من الوعاء العقاري المخصص لقاطني دور الصفيح، في 14 ألف شخص، ضمنهم “منتخبون كبار، وسياسيون ورجال سلطة”، وهو ما كشف عنه سجل داخلي للسكنى، أشرف عليه الكاتب العام للوزارة.
وأصدر عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، تعليمات صارمة لولاة الجهات وعمال العمالات والأقاليم، من أجل محاربة البناء العشوائي بضواحي المدن، واتخاذ الإجراءات التأديبية في حق رجال السلطة المسؤولين بالمناطق التي تعرف استفحال الظاهرة. أفادت المصادر بأن وزير الداخلية توصل بتقارير تؤكد اتساع رقعة البناء العشوائي في عدة مناطق، وتزايد مخالفات التعمير بالعديد من الجماعات الترابية، خصوصا بالجماعات المجاورة للمدن الكبرى. وكشفت صور جوية وفرتها مصالح الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والخرائطية والمسح الطبوغرافي، تنامي ظاهرة بناء قصور وفيلات بالمناطق الفلاحية بدون ترخيص، وكذلك بالمناطق المجاورة للسواحل البحرية، ومنها بنايات فوق الملك العمومي البحري.
يجب على الحكومة المغربية والسلطات المحلية تعزيز الجهود المشتركة لمكافحة البناء العشوائي والقضاء على دور الصفيح. يتطلب ذلك تعاونا فعالا بين الجهات الحكومية المختلفة، تنفيذ القوانين بصرامة، وتوفير الموارد اللازمة للسلطات المحلية. بالإضافة إلى ذلك، يجب تعزيز الشفافية والمساءلة لمكافحة الفساد وضمان تحقيق التنمية الحضرية المستدامة والشاملة.