يكتبها: د محمد فخرالدين ـ
ـ هروب منية النفوس ـ
أما قمرية فإنها كانت تنتظر موت ذي يزن ولما نجا من مكائدها ، بقدرة الخالق الوهاب، طلبت من عيروض قتله في الحال لكنه لم يستطع لأن سيف يمتلك حزاما سحريا وهبته له الحكيمة عاقلة يحفظه من كل اعتداء..
وفكرت في مكيدة جديدة فأحضرت صائغا ماهرا ليصنع لها لوحا يشبه تماما لوح عيروض، وسارت حافية عارية الرأس إلى حيث ابنها سيف، وبكت أمامه وأظهرت الضعف والسقم، ومدت له اللوح المزيف و ادعت الندم و التألم، وطلب منها الإسلام والرجوع عن الظلم و العدوان فتظاهرت بالإيمان والابتعاد عن الطغيان، فصفا لها قلبه وأشفق عليها لأنها أمه على كل حال ..
وأقامت ليالي تمام وهي تنتظر فرصة سانحة لتقتله وتعجل من الدنيا مرتحله، ليخلو لها الحكم والسلطة، فكان عليها أولا أن تسرق رق الغزال الذي يتمنطق به والذي منع عنه عيروض ، فطلبت مساعدة ناهد ووعدتها أن يفضلها ابنها سيف على باقي زوجاته .. لكن أمرها سينكشف في النهاية، وستموت ناهد على يد طامة إحدى زوجات سيف، وتهرب قمرية بمساعدة اللوح إلى ملك الصين لكن عاقصة ستقتلها في نهاية الأمر وتنهي من الدنيا شرورها .
ثم تزوج سيف من طامة وأقيم لهما عرس بهيج، ودامت الولائم أياما، وأكل الخاص والعام ، وكان قد سمى ابنه من زوجته الجيزة نصر، وابنه من شامة دمر، وعندما صار له ولد من منية النفوس سمياه مصرا ..
وكانت طامة قد طلبت من سيف أن يسلمها لباس الريش الذي لمنية النفوس فأعطاها الثوب وحذرها غاية التحذير من أن تسلمه لصاحبته، لكنها سلمته إليها وعندما لبسته طارت في الحين إلى بلادها ..
حزن سيف على فراق زوجته منية النفوس، وسأل عاقصة عن مدينة البنات فأخبرته عاقصة بأن لا يلقي بنفسه إلى الهلاك ، فإنها أرض لا يسلكها سالك وهي كثيرة الأهوال غريبة الأحوال ..
وإن وصلت المدينة فما تستطيع أن تعبر من بابها دون أن تلقى المهالك لكثرة ما فيها من الأرصاد ..
والمدينة كثيرة الأرصاد وأهل المدينة كلهم بنات لا يعددن ولايحصين، وهم من أشد الفرسان وأكبر الشجعان، ليس عندهم من رجل إلا ملكهم قاسم العبوس أبو منية النفوس ..
وجزيرتهن لا يصل إليها رجال ولا تخرج منها نساء، والعجيب أنه إذا أراد غريب دخول المدينة تشير إليه الأرصاد وتفضحه ..
وهذه الجزيرة توجد ضمن جزر الواقواق كما حكت له سبب الفصل بين النساء والرجال وكيف أن الأمر كان نتيجة صراع بين أخوين قاسم وجاسم، وكان لكل واحد مدينة يحكمها ..
ولما رفضت بنت جاسم الزواج من ولد قاسم كما اتفقا على ذلك في سابق الزمان، لجأ قاسم إلى أبواب السحر والكهانة، وجلب كل البنات إلى مدينته، وعمل رصدا على مجموع المدينة جوها وبحرها وبرها يمنع الرجال والغرباء من دخولها ويدل على أهل المدينة عليهم ليمسكوهم ، وعلم البنات ركوب الخيل وفنون الفروسية والقتال حتى يغلبن الرجال..
أما جاسم فلما وجد أن مدينته أقفرت من البنات جمع الكهان وأخلى مدينة أخيه من الذكور كما أخلى أخوه مدينته من البنات وجعل على المدينة رصدا يدل على دخول كل أنثى ..
ـ ترقبوا في الغد حكاية جزر الواقواق)
ـ الصورة من الأرشيف ـ