حكايات رمضانية على (كش بريس): من حكايات سيف بن يزن (13)
يكتبها: د محمد فخرالدين
ـ جزر الواقواق
رغم كل الأخطار والمهالك أصر سيف بن ذي يزن على استرجاع زوجته منية النفوس التي هربت إلى جزيرة البنات وقال لعاقصة:
ـ إذا كانت زوجتي نزلت البحر أنزليني يا أختي وراءها وفوتيني وانصرفي، وإن كانت طلعت السماء علقيني بأذيالها..
وعهد بملك حمراء اليمن إلى ابنه دمر وأوصاه بالعدل والإنصاف ونبذ الفرقة والاختلاف ..
وودع جميع أهله وتوجه إلى الجزيرة ..
ورافقت عاقصة وعيروض سيف في رحلته إلى جزر الواقواق، وعلى كتف عيروض تناول طعامه ونام طول ليلته مرتاحا كل الراحة وبقوا طائرين يمخرون الأجواء كما تمخر السفينة عباب الموج العباب ..
وذلك مدة شهرين كاملين ليلا ونهارا فقطعوا فيها مسافة مائة عام كاملة إلى أن شارفوا جزر الواقواق .
وفجأة توقف عاقصة وعيروض واعتذرا لسيف لكونهما لا يستطيعان التقدم به أكثر ، لأن هناك أرصادا تحكم هذه الأرض وتمنعهما من التقدم ، ثم أنزلاه فوق جبل عال..ورجعا في حالهما..
ولما طلع الصباح وأضاء بنوره و لاح انتبه من منامه فرأى شخصا على صفة الصالحين من الإخوان المنقطعين في هذا المكان ..
ولما اقترب منه وجده شيخا كبيرا لا يقوى على القيام ، فبادره الشيخ بالكلام وأخبره بأنه مرسل من قبل الخضر عليه السلام ..
فأخبره سيف بقصته من البداية ، وكيف مر ببستان النزهة ، وتزوج من منية النفوس ، وكيف هربت إلى بلادها وحملت معها ولده..
وسأله أن يساعده لأنه في كرب عظيم ، وبلاء مقيم ، فأعطاه الشيخ عدة ذخائر تساعده وهي عبارة عن ثياب نسائية من الحرير ، ولوحا ذهبيا و كرة وصولجان وزمردة خضراء..
وقال له:
ـ خذ هذه الذخائر فهي محفوظة باسمك من قديم الزمان ولا يمكن أن يأخذها إنسان غيرك..
وشرح له فوائدها :
ـ فالحلة التي من الحرير تمكنك من دخول مدينة البنات دون أن يشعر بك أحد، والزمردة تنفعك لأنها تقيك من البرد الذي يرد عليك إن كنت مرتفعا في الجو، أما القدح فاطلب ما شئت من المأكول والمشروب فإنه يأتيك به في عاجل الحال، واللوح له خادم يقال له الخيرقان تكلفه بما تشاء وهو ينفعك ويفوتك من جزائر الواقواق ، وإذا ما قضيت غرضك أعطه حريته واعتقه..
ولما سأل سيف الشيخ الصالح عن اسمه فقال له أنه أبو النور الزيتوني، فتودع منه الملك سيف بعد أن شكره غاية الشكر وسأله الدعاء له بالخير..
ثم معك سيف بن ذي يزن اللوح السحري فحضر الخيرقان بين يديه في لمح البصر، فقال له:
ـ احملني الآن إلى جزر الواقواق ..
فحمله الخيرقان وبعد قليل حط به على الأرض وقال له هذه هي الجزيرة الأولى من جزر الواقواق، وكان سيف جائعا فاستعمل القدح السحرى فإذا فيه ثريد عليه من لحم غزال مشوي، فأكل حتى شبع وحمد الله تعالى ..
ثم أمر الخيرقان أن يطير به إلى الجزيرة الثانية فطار به ووجد بها جبلين شاهقين يناطحان السحاب، وواد به أشجار باسقة تتدلى ثمارها على شكل نساء معلقات من شعورهن والريح تميل بهن ذات اليمين وذات الشمال، فتعجب من ذلك غاية العجب و حصل له ما يشبه الطرب..
وحمله الخيرقان إلى الجزيرة الثالثة فوجدها محاطة بأربعة جبال شاهقة وبها أشجار لها ثمار عجيبة ولتلك الثمار صوت غريب فهي تصيح كصياح الإنسان كلما حركتها الرياح ، فسبحان الخالق الذي يخلق ما لا تعلمون ..
ترقبوا في الغد حكاية سيف في جزيرة البنات
ـ الصورة من أرشيف الموقع ـ