تواصل دار الشعر بمراكش الاحتفاء بشجرة الشعر المغربي الوارفة، ضمن برمجتها للموسم السادس. وهكذا يلتقي جمهور الدار مع الشعراء: علال الحجام وأمل الأخضر ومحمد الصابر وفرقة بسمة للموسيقى الكناوية، برئاسة الفنان عبدالجليل قدسي، في أمسية شعرية وفنية جديدة بفضاء الدار بالمركز الثقافي الداوديات، وذلك يوم الجمعة 27 يناير 2023 على الساعة السادسة مساء.
أجيال القصيدة المغربية الحديثة يفتحون نوافذ شعرية جديدة، وقراءات شعرية، بتواشج مع عمق الجنوب على إيقاع موسيقى كناوة.. صوت الذات، وهي تصبغ كينونتها من خلال القصيدة، وأفق الكتابة وسؤال الوجود.
فقرة نوافذ شعرية، والتي فتحتها الدار منذ التأسيس، فقرة خاصة بأجيال القصيدة المغربية، في انفتاح بليغ على تجاربها وحساسياتها.. وهي فقرة ظلت تحتفي برموز الشعر المغربي، من رواده الى معاصريه. ولأنها لحظة، تفتح من خلالها دار الشعر بمراكش سنة جديدة، فقد اختارت من معين هذه الشجرة المعطاء بعضا من رموز الحداثة الشعرية المغربية.. أصوات شعرية تنتمي لتربة القصيدة، في تجسيرها لأفق تجربتها وعوالمها على المشترك الانساني. بهذا الوعي ظلت الدار تفكر في برمجتها الشعرية والثقافية، في قدرة فقراتها أن تشكل ديوانا مصغرا من راهن الشعر وأسئلته. وبفضاء دار الشعر بمراكش والكائن بالمركز الثقافي الداوديات، يلتقي الشعر وصوت الجنوب .. تلتقي القصيدة بموسيقى الشجن، ليشكلان معا نبض لحظة شعرية مائزة بامتياز.
يحضر الشاعر علال الحجام (مواليد مدينة مكناس 1949)، والذي خط مسار تجربته الشعرية ابتداء من سبعينيات القرن الماضي، الى “نوافذ شعرية” حاملا معه طقوس “شعرية المعيش” وطفولته المتعددة. ديوان “الحلم في نهاية الحداد” (1975)، كان إطلالة الشاعر الحجام الأولى على المشهد الشعري المغربي، ليتواصل من خلال إصداراته “من توقعات العاشق” (1981)، “احتمالات”، “ما لم ينقشه الوشمُ على الشفق”، “اليوم الثامن في الأسبوع”، “مَن يعيد لعينيك كحلَ الندى؟”،.. انتهاء ب”ما لم ينقشه الوشم على الشفق” و “صباح إيموري” و”مسودات حلم لا يعرف المهادنة”)، الى جانب العديد من الدراسات آخرها كتابه القيم “خمائل في أرخبيل: قراءة في خطاب الميتالغة عند أدونيس” والذي ينضاف الى حفرياته في الشعريات العربية كان قد استبقها بدراسته “تحولات تموز في شعر محمود درويش”.
“نافذة شعرية” ثانية يفتحها الشاعر محمد الصابر، المقيم دوما في القصيدة ومجازاتها، آتيا من زخم القصيدة المحملة برؤى الاختلاف والتجاوز لشاعر ينتمي لجيل “العبور” (مابين 70 و80) من القرن الماضي. ابتداء من قصيدته “تجليات النورس المحتمل”، والمنشورة بمجلة الثقافة الجديدة سنة 1981، أطل الشاعر محمد الصابر بعدها من ديوانه “زهرة البراري” (1989)، ليواصل الشاعر ولعه بالأرض من خلال ديوانيه “ولع بالأرض”1(1996)، “ولع بالأرض”2 (1998).. وانتهاء بديوانه الصادر حديثا عن بيت الشعر في المغرب “يغنون وهم يفكون القمر من شباك الصيد” (2022). يحلو للشاعر محمد الصابر أن يسم نفسه بالانتماء الى جيل “آخذ في التشكل، جيل قاطن في طيات الموج وفي حركة الرمال، جيل مسكون بالدنو من الشعر، الدنو من الشعر فقط..”.
“النافذة الشعرية الثالثة”، الشاعرة أمل الأخضر والقادمة من جيل التسعينيات، الحاملة لأسئلة الكتابة الشعرية وقلق اليومي، شاعرة “غارقة في الحلم” لذلك اختارت أن تفتتح تجربتها الشعرية ب”بقايا كلام” (1995)، ليصبح ديوانها “أَشْبَهُ بي” (2012) نافذتها الفعلية على عوالم الكتابة الشعرية المغربية.. لتواصل مع “يَـدٌ لا تُهادِن” (2021) و “عتبة تشايكوفسكي”(2022)، مسارا إبداعيا قادها لتحفر اسمها بين جغرافية الشعر المغربي، وهي تبحث دون كلل عن “قصيدتها المشتهاة”.. وعن طريقة أمثل لشرح وجهة نظرها “في الحب، وفي الحرب، وفي الريح الماطرة…”.
تنفح “نوافذ شعرية” لدار الشعر بمراكش، ضمن برمجتها للموسم السادس، على أجيال شجر الشعر المغربي الوارفة، في حوارية خلاقة بين قصائد تسمو لأفق الكتابة وبحس وجودي طافح، وبين مقام موسيقي يهجس بشجن الجنوب، لتنضاف هذه الفقرة الى العديد من الفقرات الشعرية التي أطلقتها الدار من تأسيسها.. ولتواصل معها الإنصات لتجارب وأصوات وحساسيات شعرية مختلفة.