ـ تساءلت: ماذا لو تم تشييد متحفا حقيقيا للذاكرة في بلدنا نتصالح فيه مع ماضينا ..؟ ـ
صبيحة يوم الأحد 14 يوليوز 2024 زرت متحف الذاكرة في مدينة تيرانا عاصمة ألبانيا. وهو عبارة عن نفق تحت الأرض في وسط المدينة. وللإشارة فإن النظام الشيوعي في هذا البلد الصغير الذي حكمه الزعيم أنور خوجة بيد من حديد وأغلق حدوده، قد بنى 175000 نفقا تحت الأرض متوزعة على كامل تراب ألبانيا لحماية مواطنيه من أي هجوم نووي من طرف الغرب ضد بلده في زمن الحرب الباردة.
في هذا المتحف نجد توثيقا متكاملا لجميع جرائم النظام الشيوعي. حيث أن صور جميع ضحايا النظام معروضة من مختطفين ومعتقلين. والذين تم اغتيالهم مع عرض أفلام للضحايا، يتحدثون فيها عما تعرضوا له من تعذيب. ونجد كذلك أدوات التعذيب معروضة ووثائق عن الأساليب المستعملة من حرمان من النوم وأضواء قوية وميكروفونات للتصنت موضوعة خلسة في المكنسة وفي جهاز الهاتف الخ…
لكن مع الأسف، هذا المتحف عالج الذاكرة بشكل متحيز، فلم نجد فيه وثائق عن كل إنجازات النظام الشيوعي العظيمة من تشييد للبنى التحتية من طرق ومستشفيات ومعاهد. ثم أليس يدل هذا العدد الضخم من الأنفاق، على حرص النظام على سلامة مواطنيه وحمايتهم من أي اعتداء خارجي؟.
وبينما كنت أتجول داخل هذا النفق حولي الساعة. تساءلت ماذا لو شيدت المقاومة الفلسطينية في غزة أنفاقا يختبئ فيها سكان غزة من القصف الهمجي لطائرات العدو الصهيوني ؟
أظن أن قيادة المقاومة لم تكن تتصور أن العدو قد يتفوق على كل مجرمي الحروب، الذين عرفهم تاريخ البشرية. خصوصا وأن هؤلاء الفاشيين مافتئوا يدعون بأن جيشهم ذا “أخلاق عالية”. وأظن أن قيادة المقاومة لم يخطر ببالهم أن أمريكا وجل حكومات الغرب قد يشاركون بالمكشوف بكل أسلحة الدمار التي أنتجوها في قتل الأبرياء بهذا الشكل الهمجي. وهم الذين أقاموا الدنيا منذ أزيد من نصف قرن بالتبشير عن حقوق الشعوب في تقرير مصيرها. وعن حقوق الإنسان والحق في الحياة إلى آخر المعزوفة. أظن كذلك أن قيادة المقاومة لم يخطر على بالهم أن أمة محمد بكل جيوشها، بإستثناء إيران وبعض حر كات المقاومة في لبنان واليمن والعراق، بلغ بها الوهن لهذه الدرجة من الضعف والعجز.
عودة لمتحف الذاكرة
بينما أنا أقرأ بعض الوثائق التاريخية المعلقة في جدران هذا المتحف، تساءلت ماذا لو تم تشييد متحفا حقيقيا للذاكرة في بلدنا نتصالح فيه مع ماضينا ونعرف جيل اليوم بتضحيات أسلافه في زمن الإستعمار ومرحلة سنوات الرصاص ونكرم شهداءنا وكل الذين ضحوا بحريتهم وحياتهم من أجل مغرب اليوم وفيه نعرض كل الوثائق التي أعدتها هيأة الإنصاف والمصالحة المكتوبة والمرئية (vidéos) التي يحكي فيها الناجون عن المحن الفظيعة التي تعرضوا لها من طرف النظام. وحتى نكون موضوعين علينا الا نكتفي بعرض مساوئ الفترة السابقة للعهد “القديم”.
بل نعرض كذلك بعض الإنجازات التي تحققت في عهد المرحوم الملك الحسن الثاني، كبناء السدود ومجانية التعليم وتعميم المنح، الشيء الذي من نتائجه تكوين الآلا ف من الأطر المغربية من مختلف الأوساط الإجتماعية، ثم توحيد الوطن باسترجاع صحرائه وتجنب الإنجرار إلى حرب مع حكام الجزائرالذين استفزوا المغرب غير ما مرة.