فشل تنظيمي مسبق لقمة عربية كانت مُبرمجة إجراؤها في مارس المقبل ، لكن جاء تأجيلها مرفوقا بوضع سياسي جزائري داخلي مضطرب وتحرك دبلوماسي مُنْقسم بين أجندات خارجية ، أوراقها تحتوي على تحريض ضد السيادة الوحدوية للجارة المغربية وأهدافها تقليل من العزلة الجزائرية الإقليمية والدولية المشحونة بتقلبات وأزمات جيوسياسية، واقتصادية وأمنية وصحية على وجه الخصوص .
قمة عربية لم يُكتب لها أن تُقام على الأراضي الجزائرية، لأن منظورها الدبلوماسي المنشود لا في التفرقة العربية ولا حتى في التحريض ضد أي طرف عربي مشارك؛ بل غايتها هو تقريب العلاقات الدبلوماسية بين الدول العربية و التخفيف من التشنجات العدائية الفارغة والخلافات السياسية الخارجية فيما بينها والبحث عن سُبل ترميم أسس التعاون المشترك داخل البيت العربي في ظل الظروف الراهنة التي تعرفها المنطقة المغاربية والعربية.
تأجيل هذه القمة، كانت لها قراءات وتأويلات عدة، لا من الناحية العلاقات الدولية و الدبلوماسية، ولا من الناحية الإعلامية والإخبارية ، التي تواكب زخم مخرجات فشل تنظيم القمة العربية بالدولة الجزائرية ؛ التي أضحت اليوم تُسخِر كل ما لديها من علاقات دبلوماسية لضمان رهان قمة عربية تُنْجيها من عُزلة إقليمية داخل المنطقة المغاربية.
وتفسيرًا لهذا التأجيل، كان متوقعًا من طرف أعضاء هذه القمة ومُستشاريها ، نظرًا لما تعرفه الأوضاع السياسية الداخلية بالجزائر من فراغ دستوري وأمني وحراك شعبي اجتماعي خامد ضد النظام العسكري، ناهيك عن ضعف المنظومة الصحية للحماية من وباء كورونا التي تُعُتبر من أولويات الأساسية لتنظيم مراسم القمة العربية .
دبلوماسيًا ، كانت هناك نوايا خفية للجزائر ودبلوماسيتها لتمرير أجندات خارجية تتضمن قائمة القضايا والنزاعات الإقليمية التي ستُطرح داخل القمة العربية. أولها قضية نزاع الصحراء المغربية باعتبارها مسألة تصفية استعمار كما تُروج له الجزائر دائماً، وثانيها الضغط على اللجنة التحضيرية لإقصاء المملكة المغربية من القمة بسبب الصراع الدبلوماسي المغربي الجزائري، وأخيرها محاولة إرجاع سوريا إلى دواليب القمة العربية بالتعاون مع تونس من أجل تحقيق مآرب خارجية لكل من روسيا وإيران.
ومن هذا المنطلق، فإن تأجيل هذه القمة العربية ليست نتيجة تدهور الوضع الوبائي بالجزائر، لكن الأمر ما فيه هو النزاع السياسي الوحدوي والتجاور الجغرافي بين المغرب والجزائر، ناهيك عن التنافس الإقليمي والاستراتيجي داخل منطقة شمال إفريقيا ؛ باعتبار هذه الأخيرة مقاربة تنافسية ذات أبعاد جيوسياسية واقتصادية من أجل الظفر بلقب “قوةً إقليمية”.
وختامًا ، نتساءل: هل الخلاف السياسي بين المغرب والجزائر يُمكن اعتباره أحد التداعيات المحورية في تأجيل القمة العربية بالجزائر ؟ وهل ما تَعْرفه بعض الدول العربية من بؤر التوتر والمشكلات الإقليمية كليبيا ، والسودان واليمن وغيرها من الدول العربية في حسم انعقاد هذه القمة ؟ .