طلبت الحكومة من المكتب الدولي للاستشارة “ماكينزي” الذائع الصيت أن يوافيها ب “خارطة طريق شاملة من أجل التشغيل”.
جاء هذا الطلب بعد أن كشف تقريرٌ للمندوبية السامية للتخطيط عن إحصائيات صادمة (للحكومة) مفادها أن الاقتصاد الوطني فقد 157 ألف منصب شغل خلال سنة 2023، وأن معدل البطالة تجاوز 13%.
وكان سبق للملك في أكتوبر 2022 أن وضع للحكومة هدف خلق 500 ألف منصب شغل بحشد 550 مليار درهماً من الاستثمار الخاص في أفق 2026.
الصدمة مأتاها من الفجوة العميقة، التي لم تكن في حسبان الحكومة، بين التوقُّع والواقع، بين التقدير والتحقيق، بين الآمال والأعمال، بين الأوهام والحقائق.
ليس في إمكان السياسة الاقتصادية المعتمدة، النيوليبرالية في الجوهر، أن تتمخض عن نتائج أفضل مما كان فيما يخص التشغيل لأن هذا الأخير هو آخر أهدافها، أو بالأحرى هو من “الأثار الجانبية”، التي قد تحدث، أو لا تحدث، وقد ترتدُّ إلى السلب كما هو الحال، هذا من وجه.
ومن وجه آخر، ليس في وسع الاستثمار الخاص، مهما بلغ حجمه، أن يُولِّد فرصاً للشغل إذا كانت غاياته محصورة في مربع البحث عن التنافسية الدولية، والعائد السريع، والربح الجزيل، وإذا ما كانت الإنتاجية تقوم على استيراد التكنولوجيات المتطورة على حساب الطاقات البشرية المُهْدَرة، والكفاءات الوطنية المُهَجَّرة.
كثيرة هي الخرائط التي رسمتها الخبرة الخاصة الأجنبية في الميادين الحيوية والاستراتيجية مثل الصناعة، والفلاحة، والطاقة، والسياحة وغيرها، والتي انتهت إلى الطريق المسدود. من ثمة فإنه بات من الهباء أن تلجأ الحكومة، لكي تنْسَلَّ من الرَّدْب، إلى المكاتب ذاتها التي كانت هي من وضعت “الرؤية”، وقدمت النهج، ودلَّت على المسار، متمادية بذلك في مجانفة الأطر الوطنية التي تعج بها الإدارة العمومية، الممتلكة للخبرة، والدراية، والمُتْرَعة ب”رائحة المكان”.