الذين“اقترفوا” تقرير هيومن رايتس ضد المغرب، هم اليوم سعداء… لقد بلغوا هدفهم وحققوا مرادهم… التقرير ضد المغرب، أسعد كثيرا السيد عمار بلاني، المصرح الرسمي الجزائري في النزاع حول الصحراء المغربية… مفسر أحلام جنرالات الحكم الجزائري، سيقول، لجريدة “الشروق” الجزائرية، “إن مضمون التقرير مروع للغاية بالنظر إلى ما تضمنه من معلومات دقيقة وموثقة، عرت الوجه القبيح لنظام المخزن القمعي الوحشي”… هكذا هلل للتقرير ضد المغرب… ذلك “الديمقراطي” الخالص، الذي تناسى “مكانة” بلاده في سجلات العبث بالحقوق الديمقراطية للشعب الجزائري… رئيسه، السيد عبد المجيد تبون، سيذكره بهول القمع الذي مورس على الحراك الشعبي الجزائري… في لقائه، الأحد الماضي، مع صحافة بلاده، السيد تبون شرح معنى سياسة “لم الشمل” التي يدعو إليها…
موضحا “أن مساجين الرأي هي أكذوبة القرن، من يشتم ويسب الناس يعاقب بالقانون العام”… وختم بأنه “أصدر عفوا عن الآلاف من الموقوفين في الحراك عبر 3 مراحل…”… آلاف من الموقوفين، وجريرتهم هي المطالبة بالديمقراطية… ولن أزيد على هذا الإقرار… إنه نشاط “حقوقي” تجاهله السيد بلاني، وهو يرتاح للتقرير ضد المغرب، الذي أصدرته هيومن رايتس… لكي ترضي كل من هو متضايق من المغرب أو يعاديه… ومن بينهم السيد بلاني، ومن خلفه… تقرير المنظمة الأمريكية، سياسي وسياسي جدا… التوابل الحقوقية المنثورة عليه، لم تغير من طعمه ولا من لونه السياسيين… ولهذا رفضته بل استهجنته، في المغرب، كل الهيئات الإعلامية المؤطرة للجسم الإعلامي المغربي… ورفضته الهيئات الحقوقية المغربية، غير المسيسة والجادة… علما بأن في هذا النسيج الإعلامي والحقوقي المغربي، المتصل بالدولة أو المدني، في قيادته وفي تأطيره، العشرات والعشرات من الناجين من ويلات سنوات الجمر والرصاص، من خريجي سجونها ومنافيها.. بما أفضى إلى ترسيخ حالة من الحساسية الحادة للنشطاء الحقوقيين والإعلاميين، ضد أي انتهاك لحقوق الإنسان أو تجاوز لها مورس ويمارس أو محتمل الممارسة في البلاد… يتحرك ذلك “الجسم” الحي، تلقائيا… ولا ينتظر تنبيها من أحد، ولا وخزا ولا لكزا، لا من الداخل ولا من الخارج… ولا يفغر فاه، محملقا في السماء، منتظرا وصول تقرير من تقارير الوصاية الدولية على “حسن السيرة الحقوقية” للمغرب، خاصة إذا كان من نوع تقرير “هيومن رايتس”. تقرير يوزع نصائح وتوصيات، من خارج المرجعية الحقوقية الدولية، التي للمناضلات والمناضلين الديمقراطيين المغاربة شرف الإسهام في بلورتها، خاصة وهي توصيات تذيل تقريرا، هو محض “مرافعة” سياسية ضد المغرب ولمصلحة خصومه وأعدائه، وحتى المتبرمين من مساره النهضوي المتحرك والمتقدم…
تقرير المنظمة الأمريكية انحرف عن المسلك الحقوقي السوي في إعداد التقارير… مسلك الالتزام بالاختصاص الحقوقي والفحص الدقيق للادعاءات واعتماد نفس المسافة مع أطراف النازلة المفترضة، بانتهاك حق من حقوق الإنسان… السادة في هيومن رايتس استقطبهم المسلك السياسي أو أغراهم، لعدم تقيده بصرامة المنهج الحقوقي ولمرونة استعماله في حملات الإغارة على الخصوم أو الأعداء… وقد توغلوا في استسهال المهاجمة السياسية للمغرب، بأن سمحوا لأنفسهم بالانحشار في تقويم النظام السياسي المغربي واستعاروا، من أدبيات “متياسرة” مغربية، تعريفات سياسة متحاملة على الدولة، وهي “متكئاتها” في عراكها السياسي… من نوع التعريف القاصر تاريخيا ثقافيا وسياسيا لمفهوم “المخزن”، وهنا السقطة الكبرى للمنظمة الأمريكية، والتي قادتها إلى إنتاج تقريرها من محبرة حساسية سياسية مغربية؛ يسراوية،؛ شعاراتية؛ منغلقة في جزء من “ساكنتها”، ومتحاملة وممتهنة للتياسر المدر للعملة الصعبة في بعض مكوناتها… وهي كلها، بقضها وبقضيضها “متميزة” بهامشيتها وضعفها العددي والنوعي، في النسيج السياسي المغربي… أخذت من تلك المحبرة ما يفيدها، وعجنته ببهارات عدائها الخاص للمغرب… العداء الذي تعبر عنه بمسايرة، بل الترويج الإعلامي لمناهضي الوحدة الترابية المغربية… بما يضعها في موقع الخصم للمغرب، بالتبعية… وينزع عنها صفة الحياد في تقويم الممارسة الحقوقية في المغرب…
البعد السياسي للتقرير الموجه ضد المغرب، يرشح، أيضا، من خلال التبني، غير الحذر، بل المطلق، لادعاءات طرف سياسي واحد، واعتماد روايته وتأويله للنوازل وللوقائع والاتهامات… اعتمادها حقيقة غير قابلة للشك ولا للطعن… التقرير بذلك… هو فقط ادعاء سياسي، ضد المغرب، انتقائي ومتحامل…
“المجتمع” الحقوقي والإعلامي المغربي، وهو يرفض مضمون تقرير هيومن رايتس، يعري طابعه السياسي ويسائل خلفياته غير البريئة، يلاحظ أن المنظمة قد انتابتها حالة مراهقة سياسية، تحفز على يقظة مغربية، نوعية، واسعة وفاعلة ضد نوع من الوصاية الحقوقية على المغرب… ذلك عهد بائد… اليوم، في هذه المرحلة من تطورات التحولات النهضوية العامة للمغرب… ليس لدينا ما نخجل منه، لدينا ما نقاومه ونقومه سياسيا؛ اجتماعيا وثقافيا، بما يستلزم ذلك من وضوح وصرامة، هي من طبيعة مجتمع ودولة حيان ومتفاعلان في الانتصار لمشروع تنموي عميق وشاسع… ولدينا الكثير مما نعتز به؛ ونراكمه، كما ونوعا،… في ترسيخ الديمقراطية وتبييئ مبادئ واحترام حقوق الإنسان… في هذا المغرب… هيومن رايتس لا تريد أن ترى ذلك، وتجتهد في التنقيب عن نوازل متفرقة، تؤولها لتحشو بها تقاريرها ضد المغرب… خدمة سياسية، لأعدائه وخصومه والمرتابين من نهضته… هذا النوع من “الإرهاب” السياسي، لن يؤثر في هذا المغرب القوي بالتحام مكوناته، ملكا وقوى شعبية، في التقدم بمشروعه الإصلاحي والتحديثي… ويكفي أن صوت النسيج الحقوقي والإعلامي المغربي ارتفع بقوة الحق، هادرا ضد التزييف السياسي الذي أطلقته المنظمة الأمريكية، ومعبرا عن صدقية وصلابة المناعة الذاتية المغربية، النابعة من أصالة وصحة ثقافة حقوق الإنسان في المغرب، والتي تواصل نموها وتجذرها وتنوعها، بمواصلة ممارستها وبتقويمها، لحاجة وقناعة داخلية… وليس بإملاء وبضغط وبتوجيه من الخارج… أيا كان اسم أو أداة ذلك الخارج.