تعرف الهند انتفاضة عارمة من طرف المسلمين الهنود الذين يتجاوز عددهم 300 مليون مسلم ومسلمة، ضد الخطاب المسيء إلى الرسول عليه الصلاة والسلام من طرف الناطق الرسمي لحزب بهارات جاناتا، ورغم عزل هذا الناطق من طرف حكومة ناريندرا مودي، رئيس الوزراء الهندي الذي قاد عندما كان كبير وزراء ولاية كوجرات مسلسل العداء ضد الإسلام حيث قتلت القوات الهندية 1200 مسلم، وعلى إثر ذلك منعت الحكومة الأمريكية منحه تأشيرة الدخول إلى الولايات المتحدة لمعاداته للحرية الدينية، وفق الفصل 12 من قانون الحريات الأمريكي الذي يمنع أعداء الحرية الدينية من دخول الولايات المتحدة، لكن الدنيا والسياسة مصالح، فسرعان ما ألقت واشنطن هذا المرسوم بعد أن فاز حزب مودي بالانتخابات في 2014 و2018، بل فاز بثلثي أعضاء مجلس النواب الهندي، مما سمح له بتعديل الفصل 370 من الدستور، وإلغاء الوضع الخاص لولاية كشمير الذي كان ينص عليه الدستور الهندي الموضوع سنة 1950، وهي الولاية الوحيدة التي شكل المسلمون 80% من مواطنيها. كما قام نفس البرلمان الهندوسي بإلغاء يمين الطلاق، وبذلك تدخل في حياة الطائفة الإسلامية التي تشكل 20% إلى 25% من مواطني الهند، وأيضا قام بنفس البرلمان بإصدار قانون يمنح الجنسية لكل هندوسي من بلد آخر. وكل هذه القوانين كانت ضد المسلمين الذين يشكلون العدد الأضخم من مواطني الهند، بالإضافة إلى أقليات مسيحية وسيخية وبوذية لا تشكل نفس التأثير الذي يشكله المسلمون، ويبدو أن حزب بهارات جانات أو شعب بهارات وهو اسم يقول متطرفوا الهندوس أنه الاسم الحقيقي للهند، وهو الاسم الذي أصر عليه جواهر لال نهرو رئيس وزراء الهند، وزعيم حزب المؤتمر 1947 -1964، ووالد أنديرا غاندي رئيسة الوزراء 1966 – 1984 والتي قتلت اغتيالا، كما اغتيل المهاتما غاندي في 1948 في نفس الصراع بين الهندوس والمسلمين، وقتل راجيف غاندي في 1991 رئيس الوزراء الهندي 1984-1989 ونجل أنديرا غاندي في إطار الصراع في سريلانكا الممتد للهند. وبالتالي تمت تصفية حزب المؤتمر، الحزب القائد لاستقلال الهند وواضع دستور العلمانية والفدرالية والتعددية، وبعد الصراع داخل حزب المؤتمر الذي بدأ في أواخر السبعينات بدأت بوادر إنشاء حزب جاناتا الذي أسس أحزابا صغيرة طائفية في أغلب ولايات الهند، ورغم أن الشعب الهندي خاصة النخبة شككوا في نوايا جاناتا، إلا أن حزب جاناتا الذي بدأ ب 3 نواب في البرلمان عام 1982، صار له مئة عضو في انتخابات 1985، وقام بنشر ثقافة الهند للهندوس، وأن المسلمون لهم بلد آخر هو باكستان التي انفصلت عن الهند عشية الاستقلال في 1947، ومع تواجد المسلمين في كل نواحي البلاد و الحياة الاقتصادية ونضالهم ومؤسساتهم المهنية والتعليمية وقدرتهم على المواجهة، فإن حزب جاناتا جمع العصابات، ومن خلال تنظيماته الفرعية أسس أحزابا أشبه بالمافيات، وانخرط فيه عدد هائل من الأفراد والجمعيات وعلى رأسها المجلس العالمي الهندوسي R.S.S وهو تنظيم مغلق، ويعتبر قادته المنظرين لحزب جاناتا الحاكم في الهند، فقد عرف هذا الحزب انخراطا وصل إلى 100 مليون منخرط يضم ذوي المصالح والانتهازيين والمافيات وأعداء العقائد الأخرى في جميع المجالات بما فيها السينما وهي إحدى الصناعات الهامة في الهند. وكان هذا الحزب قبل ذلك قد قام بتدمير المسجد البابوري سنة 1992 الذي شيده السلطان محمد بابور في 1528 في مدينة أيوديا. وكانت سيارة زعيم حزب جاناتا آنئذ وزير الزراعة ونائب رئيس الوزراء أدفاني في مقدمة الغوغاء الذين دمروا المسجد وأصدرت المحكمة العليا قرار بناء مسجد ومعبد هندوسي على المسجد القديم، لكن لم يبنى سوى المعبد الذي يزعم أن جاناتا أن ولادة الإله رام كانت في مكان المسجد، ليس الأمر يتعلق فقط بمعاداة المسلمين في الهند، فهناك أحزاب إقليمية مثل شيڤ سينا وغيره يدعون للهند الهندوسية، وهي نفس الدعوة في الكيان الصهيوني لدولة يهودية، وقد أبرمت الهند بقيادة حزب جاناتا اتفاقيات عسكرية ونووية هدفها باكستان والخليج العربي، كما تم وضع قمر اصطناعي للتجسس على منطقة الخليج العربي وإيران وباكستان من طرف دلهي وتل أبيب، ومما شجع حزب جاناتا على ذلك الوهن والفرقة والخلافات المنتشرة في العالم الإسلامي والدعوة إلى الإقليمية وفساد النخب الاقتصادي وتشجيع الطابور الخامس على محاربة العقيدة، هذا الوهن الذي لم يشجع فقط هندوس حزب جاناتا، بل كل أعداء الإسلام فضلا عن العروبة.
طموح الهند
والهند دولة نووية منذ 1974، ومساحتها 3.287.263 كلم 2، وعدد سكانها حوالي مليار ومائتا مليون نسمة، وتتألف من 28 ولاية، وحوالي 70 % من مواطنيها هندوس والباقي مسلمين ومسيحيين وبوذيين وسيخ وزراديشت، وتتميز بنمو اقتصادي 8%، ولها نزاع وصراع وحروب عسكرية مع الصين خاصة في أعوام 1958 و1962 عندما استولت الصين على 35 ألف كلم 2، كما تطالب بولاية الهند “ارونال براديش” باعتبارها أرضا صينية استولى عليها الانجليز أثناء تواجدهم في المنطقة، مما أدى إلى استقبال الهند لزعيم التبت، وتعتبر الهند الصين عدوها الأكبر، ولها اتفاقات سرية لمحاصرة الصين مع واشنطن وطوكيو، وبعد التفجير النووي الصيني في 1964، أسست الهند مركزها النووي، وأسس الباكستانيون المعهد النووي برآسة الراحل عبد القدير خان، مما أدى إلى تفجير باكستان لخمس قنابل نووية بعد تفجيرات نووية هندية في 1998. وقد دخلت باكستان والهند حروبا خلال سنوات 1948 و1965 حول كشمير و1971 حول بنغلاديش، عندما تدخلت الهند في الحرب الأهلية بين باكستان الغربية والشرقية التي تحولت إلى بنغلاديش بعد التدخل العسكري الهندي الذي حضي بمساندة الغرب، بالإضافة إلى حروب صغيرة في كارجيل على جبال الهمالايا ومناوشات أقل أهمية ، وتطمح الهند إلى التحول إلى دولة كبرى أسوة بالصين وإلى مقعد دائم في مجلس الأمن وتساندها واشنطن خصوصا أن الولايات المتحدة أبرمت معاهدة 2008 لتأهيل البرنامج النووي الهندي المدني، مما يوضح أن واشنطن تكيل بمكيالين حتى في نشر السلاح النووي. وقد استعانت الهند –بضغط من واشنطن- باليابان التي تكلفت بتأهيل البرنامج النووي المدني الهندي، كما تنازلت طوكيو عن قاعدتها في جيبوتي على البحر الأحمر لصالح الهند، والتي حولتها دلهي إلى قاعدة عسكرية لمراقبة البحر الأحمر التي تطل عليه مصر والمملكة العربية السعودية والصومال وعلى مقربة من المحيط الهندي، علما أن بحر جيبوتي قد يتحول إلى محيط في الألفية الثالثة، كل ذلك والمسلمون يحاربون أنفسهم ويمنعون بعضهم بعضا من امتلاك أسباب القوة والحياة والمواجهة وعلى رأسها الصاروخ البالستي والقنبلة ويشجعون أعداءهم على امتلاكها كالكيان الصهيوني والهند … وغيرهما في عالم لايرحم ولايحترم إلا القوي.
لقد أبرمت الهند والكيان الصهيوني عدة اتفاقيات منها الاتفاق الاستراتيجي خلال التسعينيات من القرن الماضي، كما زار ناريندرا مودي للكيان الصهيوني وهي أول زيارة لمسؤول من هذا المستوى، وتم إبرام اتفاقيات عسكرية مع شركة ثاتا الهندية الصانعة للسلاح، ومنذ بدأ العلاقة بين الهند وتل أبيب وقد وصلت عدد الاتفاقيات إلى 300 اتفاقية. وانتقل التبادل الاقتصادي من 36 مليون دولار في 29 يناير 1992 تاريخ الاعتراف الهندي بالكيان الصهيوني حيث وصل حاليا إلى 4 ملايير دولار، خاصة في ميدان الأسلحة والصواريخ والعداء المشترك لباكستان كدولة نووية، وبالضرورة أي طموح نووي لقوة عربية أو إسلامية، وكان أول اتفاق مخابارتي بينهما في 1963 وزيارة الجنرال الهندي جيث سينغ في 1971 إلى تل أبيب وزيارة شمعون بيريز لدلهي في أبريل 1993 ، وزيارة شارون في 2003، كما تم نقل يهود الهند إلى الكيان الصهيوني حيث يعملون في ميدان الأمن والجيش ضد الشعب الفسلطيني.