دعم الجمعيات وتوزيع المساعدات عليها ورد حصريا في المادة 92 من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات المحلية(القانون رقم113-14) ولم يرد ذلك في القانونين التنظيميين المتعلقين بالجهات والعمالات والأقاليم.
في حين ورد إبرام اتفاقيات التعاون والشراكة في القوانين التنظيمية الثلاثة المتعلقة بجميع أصناف الجماعات الترابية (الجماعات المحلية -الجهات -الأقاليم والعمالات) حيث يمكن لهذه المؤسسات الترابية أن تبرم إتفاقيات تعاون وشراكة مع جماعات ترابية أخرى او مع إدارات ومؤسسات عمومية أو فاعلين اقتصاديين أو جمعيات مدنية بشرط أن يتعلق الأمر بإنجاز مشروع أو نشاط ذي فائدة مشتركة بين أطراف الإتفاقية ، وهو مايفيد حتما أن مجالس الجهات والعمالات والاقاليم لايحق لها قانونا خارج إبرام اتفاقيات التعاون والشراكة منح أي دعم أو مساعدات للجمعيات المدنية.
وتشير المادة 46 من القانون التنظيمي المتعلق بالجهات رقم 111-14 إلى أن إبرام هذا النوع من الاتفاقيات يتطلب تصويت الأغلبية المطلقة للأعضاء.
وقد سبق لوزارة الداخلية أن وجهت رسالة إلى العمال والولاة والمؤرخة في 5 ابريل 2018 تحيطهم علما بالمقتضيات القانونية المذكورة والمتعلقة بشروط دعم الجمعيات وإبرام إتفاقيات تعاون وشراكة طبقا للقوانين التنظيمية الخاصة بالجماعات الترابية (الجماعات المحلية -الجهات -العمالات والأقاليم)وأشارت على العمال والولاة بضرور ممارسة المراقبة الإدارية الضرورية عند مخالفة المجالس المنتخبة للمقتضيات القانونية ذات الصلة بهذا الدعم وإبرام اتفاقيات الشراكة والتعاون.
وعليه فإن الجماعات الترابية بمختلف أصنافها ملزمة قانونا بإتخاذ مقررات بخصوص دعم وتقديم المساعدات للجمعيات بالنسبة للجماعات المحلية وإبرام إتفاقيات التعاون والشراكة بالنسبة لجميع الجماعات الترابية (المحلية ،الجهوية ،العمالات والأقاليم) مقررات تحدد اسماء الجمعيات المعنية ومعايير هذا الدعم ومجال نشاط الجمعية في إطار قواعد الشفافية والمساواة والحكامة كمبادئ دستورية.
ولذلك فإنه لايمكن تقديم دعم جزافي او مساعدة للجمعيات من طرف الجماعات المحلية او إبرام اتفاقية تعاون وشراكة حسب التوضيح اعلاه للجمعيات غير النشيطة والتي لاتتوفر على برامج ولاتقدم إضافة للمشهد الجمعوي وإلا كان الدعم مجرد تبديد وهدر للمال العام وتشجيعا للربع والفساد من أجل خلق أنصار وخزان إنتخابي للمسؤولين على الشأن العام لضمان استمراريتهم وبقائهم في مواقع التدبير العمومي على حساب المال العام.
ويتوجب على الجمعيات المستفيدة من دعم جزافي او من اتفاقيات الشراكة والتعاون ان تقدم إلى الجماعات المانحة تقارير مالية مفصلة ومعززة بالحجج المثبتة لأوجه صرف الأموال العمومية المقدمة لها ،وتبقى المجالس الجهوية للحسابات ملزمة بالتأكد من صحة البيانات والحجج المقدمة لإثبات صرف تلك الأموال فضلا عن التأكد من مدى سلامة المساطر المتعلقة بذلك.
ولذلك فإن العمال والولاة وهم يمارسون المراقبة الإدارية إنطلاقا من القوانين التنظيمية المنظمة لمجموع الجماعات الترابية ملزمون بالحرص على أن لاتكون المقررات المتخذة مخالفة للقانون وبإمكانهم أن يعترضوا على ذلك في إطار ممارستهم لدورهم في المراقبة الادارية لضمان حسن سير المرافق العمومية.
وعلاقة بموضوع ماتم تداوله إعلاميا حول ماقيل عن صرف مجلس جهة فاس مكناس لمبلغ 900 مليون سنتيم لإحدى الجمعيات غير المعروفة، دون أن يكلف المجلس نفسه إعطاء أي توضيح حول الموضوع رغم أن الأمر يتعلق بصرف المال العام وبتدبير الشأن العمومي، ومن واجبه تنوير الرأي العام حول قضية تهمه وهو مايزيد الموضوع تعقيدا وغموضا، في ظل استمرار سياسة الصمت لحدود الآن وتناسل العديد من الإشاعات، حول هذا الموضوع وحولته إلى لغز يحتاج الى توضيح أكثر ،علاقة بذلك وللمساهمة في النقاش الدائر حول القضية تبدو الأسئلة التالية مشروعة:
هل السيد والي جهة فاس مكناس له علم بهذه القضية ؟وهل مارس دوره في المراقبة الإدارية طبقا للقانون بخصوص مقرر مجلس الجهة إذا صح أنه قدم دعما بمبلغ 900 مليون لإحدى الجمعيات غير المعروفة بأي نشاط ؟ هل فعلا تم تقديم هذا الدعم أم لا وفي عهد أي مجلس قدم هذا الدعم هل المجلس الحالي ام السابق ؟ ماهي معايير تقديم هذا الدعم إن كان صحيحا ؟وهل تم إبرام أية إتفاقية بهذا الخصوص ؟ وماهي مجالها وأهدافها ؟ هل فتح الباب لكافة الجمعيات للمشاركة ؟ وهل بوابة المجلس تتوفر على لائحة بالجمعيات المستفيدة ؟
إن هذه القضية التي أثارت نقاشا واسعا وفي ظل صمت كل الجهات المعنية تتطلب من وزير الداخلية التدخل لفتح بحث حول الموضوع وإيفاد لجنة الى مجلس جهة فاس مكناس للقيام بكل التحريات الضرورية وإنجاز تقرير مفصل حول الموضوع وإخبار الرأي العام بنتائجه وتقديم المتورطين المفترضين الى القضاء إذا تبث صحة ماتم تداوله وحصول أي هدر او تبديد للمال العام لأنه لايجب السماح لأي كان مهما كان موقعه الوظيفي إستغلال مراكز المسؤلية للعبت بالمال العام الموجه أصلا لخدمة التنمية.