أبرز صفات فناننا المُعَلب ؛ أنه ليس أبكما و لايشكو خرسا ، وسيمٌ ربما بل ضروري أن يكون كذلك . تُحدثه نَفْسُهُ كاذبةً عن موهبةٍ فذة بين جوانحه . و عن فنٍ أخاذٍ سيبهر العالمين ، فيُصَدقُها مخدوعا . أو يتسلط عليه منتجٌ يرى فيه ( موضيلا) صالحا مربحا في تجارة فن الصورة ونخاسة الاجساد.
يُنتُج لنفسِه أغنيةً خالية من كُل مَقَاييس الجَمالِ أو حِسٍ الابداع والتفرد تساير سوق المتردي للغناء الحالي، أو يُصدِرُ ألبوماً كاملا ؛ كوجبة سريعة في استوديو حديث بتقنياتٍ تُصحح النشاز و تٓستر عورات الصوت و سوء الأداء .
و يصور “فيديو كليب ” يركز فيه على قسمات جمال وجهه وفتحة أزرار قميصه في مناظر خلابة تسحر العين ، تحيط به مغريات العين العارية ، لابساً نظارت سوداء من الماركات الغالية ، في مشهد لا علاقة له بمضمون أغنيته، يغازل بذلك معجبات الصورة وعشاق الألوان والانفس المريضة المتعلقة بصور وأجساد المشاهير .
يُحدث صفحة في فضاء الفيسبوك والانستغرام ويشتري لها معجبين وهميين افتراضيين بالملايين . او يشارك في برامج التباري الغنائية التي لا تحترم مقاييس الفن المعتبرة في الانتقاء . ويشرف عليها مشاهير من مخلفات ثورة القنوات الفضائية أغلبهم لايصلح للغناء أصلا ويأتى به للتحكيم فيه .
و يكتب عن نفسه أو باقلام مأجورة أنه مبدع و متميز وطاقة جبارة وعملاق وماشاء من الالقاب الطنانة المجانية . ويستجدي مشاركات في مهرجانات أو برنامج مصورة أو مذاعة في راديو أو قناة يبحثان عن ملأ فراغ ساعات التنشيط بأي شيء مجانيّ تحصّل عندهم ، مع مقدمين لا يعرفون الا المدح الزائف و الكلمات الخادعة لإنتاج حلقة ناجحة .
بعد هذا تجده معتبرا باسم “فنان مبدع” ، مثله مثل أي فنان حقيقي مبدع . سواءً في مجال “الفن ” الدوابي أو ” الفن” الملتزم أو ما يسمى استسهالا ” الإنشاد ” . و هو لا يمتلك أدنى مقومات الفن و لا رائحة الموهبة ولا يصلح حتى برّاحاً في أسواق المزادات . طالما ان الاشتراك في الاسم يوهم بالاشتراك في المعنى والقيمة .
ودليله على فنيته شُهرتُه وليس إبداعه ، معجبوه الملايين وليس فنُه ، مشاركاته وليس إجادته . بهذا يصنع ” فنانون” مزورون و جمهور مزيف ؛ ضحية سطوة الاعلام وطوفان العالم الافتراضي .
يصدق هذا الحديث عليها هي ايضا ، وهي تزيد عليه بوسائط لا سبيل له إليها ولا قبل له بها . تعول فيها على جسدها الفاتن وغنجها الفاتح لكل باب موصل للشهرة والنجومية .
كل شي جائز من أجل الوصول لحلم الشهرة وحظوة عالم النجومية . وما يخطئه الصوت الضعيف و الأداء النشاز يصيبه الجسدُ العاري و الاناقة الخليعة .
خصوصا وقد أصبح أغلب المنتجين من دول الكبت المسرفة . فكل من ألْوتْ على مسرف مُتصابٍ فقد ظفرت بمصباح علاء الدين السحري الطيّار الى النجومية .
ووسط هذا العبث والسرف والانحطاط تضيع قيم الجمال الحقيقية ومقومات الفن المبدع ويحجب الموهوبون الاقحاح ، ويعم القبح و المسخ والدناءة . و تملأ سماء اعلامنا ؛ تلفازاً و مذياعا ووسائل تواصل اجتماعي ؛ غيومٌ من المتلبسين بأسماء الفن و الأصوات القبيحة والقيم الدنية . ويسمخ جيل كاملٌ في ذائقته الفنية وقيمه الجمالية ، ولا يصل الى الاجيال القادمة الا حطامُ الثقافة والفن .