من عبد الواحد الطالبي – مراكش
قيدت سلطات الرقابة في مراكش صلاحياتها وحجبت أشخاصها في مكاتبهم ثم أطلقت العنان للفوضى في الأسعار والسلع والخدمات تحلق في سماوات الجشع ترهق جيوب الناس مواطنين وأجانب، وتهدد أرواحهم وتعطل مصالحهم وتضغط على أنفاسهم حد الاختناق
ولم يعد الدرهم عملة مغربية رمزا للسيادة الوطنية، سومة تجارية على قدر قيمة الأورو الذي صار لدى التجار وفي المقاهي وعند الحرفيين وداخل الأسواق عملة الرواج التي يضطر الزبناء إلى الأداء بما يعادل التسعير بمبالغه
ويتربص الغلاء في المدينة الحمراء بالمواطنين والسياح سواء حيثما يطوفون بين أحيائها وشوارعها ودروبها التي تحولت إلى معارض سياحية ومتاحف للمعروضات أمام الذين يشتهون ويشترون والذين يشتهون ولا يقدرون بسبب التسعير وفق قدرة شرائية ليست متاحة لقفة ربة البيت المغربية ولمعيلها
وأصبح التسعير باليورو في كل ما يقبل عليه المغاربة قاطنين في مراكش وسائحين زائرين، تكلفهم رشفة بن في مقهى مطل 2 يورو بأي مكان وحتى داخل أسوار المدينة العتيقة، ويتجشمون دفع ما بين 1 يورو و 3 يورو رسما مفروضا وإتاوة عن ركن سيارة في موقف عمومي، ويثقل كاهلهم اقتناء تذكار أو هدية للأقرباء عبء التسعير بعملة غير العملة الوطنية بعيدا جدا عن واقع القدرة الشرائية للطبقة الوسطى التي تئن تحت وطأة غلاء المعيشة ويكاد يزهق أرواحهم هذا الجشع وسط الفوضى المنفلتة من رقابة السلطات الوصية
وليس مفهوما معيار التسعير في مقاهي وفنادق مرخصة بمقتضيات ملزمة للتصنيف تراعي مواصفات وأسعار محددة في وثيقة الترخيص غير أن واقع الحال لا ينسجم ولا يتوافق مع اي مقتضى بدرائع وجب على المسؤولين تعليلها مادامت من صميم النظام العام
وإذا كانت الأسعار الرائجة في سوق التجارة والسياحة والخدمات وغيرها تقدر في مدينة مراكش بالعملة الأوربية الموحدة ويتم تقييمها باليورو أغلى من البلدان التي تجعل هذه العملة رمز سيادتها متوافقة مع القدرات الشرائية لمواطنيها وللمقيمين على أراضيها، فإن المسؤولين من سلطات إقليمية وجماعات محلية وممثلي القطاعات الحكومية كل في دائرة اختصاصه مدعوون لحماية سيادة المغرب الوطنية والمحافظة على الأمن بإعمال الوسائل القانونية الوقائية والرادعة قبل أن يصير استقلال البلاد موضع تشكيك لدى الفئات التي استسلمت للفقر ورفعت الراية البيضاء أمام الأقدار المجهولة والمصائر التي لا حول لهم ولا قوة لمغالبتها.