يشير الطرح الذي تطرحه بعض المنابر والجمعيات وجهات رسمية حول مدونة القانون الجنائي خاصة فيما يتعلق بالمادة 390 من القانون الجنائي حول الرضائية الجنسية، فضلا عن تجاوز العلاقات اللامشروعة والإجهاض والمثلية والزنا والإعدام، وهذا الطرح المقتصر على جماعة وأقلية، لكنها تسيطر على الإعلام ، كما تلقى الدعم من جهات غامضة لها نفوذ على الإدارات والمؤسسات، ويتمتع دعاتها بدعم مالي وإعلامي.
وهذا الطرح لا يقترح إجراء استفتاء، فالديمقراطية تنتهي هنا، كما لا يهتم برأي الأغلبية الواسعة المتناغمة مع عقيدتها وظروفها الاجتماعية، أيضا فهذا الطرح لا يعير انتباها إلى المآسي التي أدت إلى 450 طلاقا في اليوم، ون العدد وصل إلى أكثر من مليونين وسبعمائة ألف طلاق وتطليق خلال السنوات الماضية، وإذا ما أضفنا الأطفال المطلق آبائهم سنجد أن ثلث الشعب المغربي يعيش مآسي الطلاق، وهو ما أدى إلى ظاهرة الفساد وإلى تراجع مؤسسة الزواج، ومن المرتقب أن نصل إلى نفس الرقم في فرنسا التي أكثر من نصف سكانها تقريبا يعيشون فرادى أو في علاقة غير شرعية. فالعائلة في بلادنا هي الحصن الاجتماعي والاقتصادي والتكافلي بعكس فرنسا حيث تحل الدولة محل العائلة، ودعاة تعديل التشريع لا علاقة لهم بالأمر وبالطبيعة الاجتماعية للأسرة المغربية، لأن أغلبهم إن لم يك كلهم يعيشون في أحياء مغلقة وأبنائهم خارج البلد، كذلك أموالهم وحساباتهم البنكية، بل حتى منازلهم ولا يتحدثون حتى لغة البلد، وأي قانون أو فعل اجتماعي أو نص تشريعي يجب أن يراعي طبيعة البلد وظروفه الاقتصادية والتعليم والصحة والعدالة، وامتحان أي قانون هي التجربة التي تؤكد فشل أو نجاح أي قانون الذي لا يفرض بردود الأفعال أو من أجل إرضاء جهة ما أجنبية أو محلية، فالعائلة بالنسبة لمجتمعنا هي البنية الأساسية والتي تقوم بالتكافل مع أعضائها، وتقتصر مساهمة الدولة على دعم هذه البنية لا تمزيقها. هذا فضلا عن ارتباط هذا المجتمع/ العائلة بعقيدته وتاريخه وفوضى الفساد التي أدت بجماعة معينة على رأسها وزير ما إلى اقتراح تعديل المادة 490 وعدم إبلاغ الزوج/الزوجة بالخيانة نتيجة تدمير البنية أو اللحمة الأولى في المجتمع أي الأسرة التي ظلت تشكل الملاذ الأول والأخير لأعضائها وللجميع، فضلا عن كون أدعياء الحداثة بدون مرحلة تاريخية، فلا حداثة مع الفقر والأمية، والجهل المركب، ثم إن الحداثة هي التناغم مع المجتمع لا محاولة هدمه، مما يقتضي الرجوع إلى التفكير السليم، فالذين ينظرون للأمر هدفهم تدمير الأسرة، وبالتالي يسهل تدمير المجتمع… نحن في حاجة إلى العودة إلى النضال السياسي وإلى إحياء الأحزاب السياسية، وإلى التخلي عن منح أمورنا إلى بيروقراطية وجماعات حقوقية تبتعد عن الأساسي وتترك الأهم وهوالحياة الكريمة للجماهير الشعبية ونقلها عبر تدخل الدولة إلى مجتمع قارئ متعلم، متربي، ينعم بالحياة الكريمة.
- كاتب وحقوقي مغربي