يعتقد الطبيب النفسي والمعالج الأسري الأمريكي موراي بوين Murray Bowen(1913 – 1990) أن الأسرة تظل وحدة عاطفية كاملة بالرغم من عيش أفرادها حالة الطلاق بضواغطه وانتقالاته وأخطاره على الصحة العامة، خصوصا إذا انتهت العلاقة الزوجية بوجود الأطفال بين الطليقين، وكيف يتأثرون بطلاق الوالدين، وكيف سيتأثرون خارج دينامية الأسرة بالمدرسة والشارع والاعلام ومؤسسات أخرى ناهيك عن مدى تأثير الوالدين على أطفالهم، ومن ثم تكون تجربة الطلاق في العمق ليست باليسير إدارة صراعاتها وانتقالاتها من علاقة مختلة بين فردين إلى علاقات مستقبلية مأمولة، وإذا كانت الأسرة العربية الإسلامية فيما مضى أسرة ممتدة يقود هيكلها الهرمي الأب أو الجد الأكبر باعتباره رمز الحماية والتسوية واللجوء إليه عند الشدائد، فإن التحولات المدنية والجذرية التي مست تاريخ هذه الأسر حولتها إلى أسر نووية، حيث أصبح الطلاق الحل الأسرع لمعالجة أبسط التحديات إلى أعقدها، ويجد الزوجان أنفسيهما أثناء إنهاء العلاقة الزوجية وسط صراعات عصيبة، ويمرون بمشاعر الذنب والخوف والقلق والاكتئاب…، خصوصا وأن الطلاق يؤثر على نظام الأسرة بأكمله، ولاسيما عند وجود الأبناء، حيث يظل وجود طرق رشيدة وآمنة لإدارة الصراع وإبقائه في الأدنى أمرا ضروريا من شأنه التقليل من التوترات التي يتعرض لها الأطفال عندما يقوم أحد الوالدين بالإساءة للآخر عاطفيا أو جسديا أو ماديا أو عندما تكون حلبة الصراع تدور فصولها أمامهم، وهو ما يعرض الأبناء لصعوبات عاطفية ومشاكل سلوكية مستمرة كالإدمان والاعتمادية والتخلف الدراسي واضطرابات قبل النوم والرهاب وضعف المهارات الاجتماعية وضعف الأداء الأكاديمي … وعلى الرغم من أن الآباء لا يرغبون في ذلك، ويحبون الأفضل لأولادهم، فإن الصراعات الشديدة والكسر المتبادل بين الآباء يسحب منهم طوعا أو كرها كل هذه الرغبات تجاه أبنائهم، بيد أن اللجوء إلى العلاج الأسري من شأنه مساعدة الوالدين على تقليل الصراعات، واجتياز مهام الانفصال لتشمل خيارات آمنة لجميع الأطراف.
ويعتبر العلاج الأسري عملية منظمة يتفق فيها الزوجان على العمل بهدوء دون دراما هوليود، من أجل التوصل إلى تسوية مشتركة، تساعد كل شريك على الشعور بالتمكين، والاعتراف بوجهة نظر الآخر واحترامها، وقد تلجأ خدمات المعالج الأسري إلى منح الأطفال خصوصا الذين تقل أعمارهم عن 18 عاما صوتا في عملية الطلاق، ويتيح لهم فرصة التعبير عن مخاوفهم واحتياجاتهم، وإبلاغها إلى الآباء عند إنشاء خطة إنهاء العلاقة الزوجية، كما يتولى المرشد الأسري في هذه العملية إعادة تعريف العلاقات، ومعالجة مسؤوليات جميع أفراد الأسرة واحتياجاتهم، وبالتالي يلجأ الكوتش الأسري إلى العمل باتفاق مع الزوجة والزوج في جلسات فردية أو جماعية أو هما معا إلى نقل الأسرة المعاد تنظيمها من نظام التهديدات والصراعات إلى نظام متفق عليه لتدبير الخلافات البينية وامتداداتها في حفظ حقوق الأطفال والوقاية من تعريضهم لما يسمى بالتثليث بين صراع الوالدين.
وفي نهج العلاج الأسري يتحرك المرشد الأسري من موقع كونه فنانا في إدارة الصراع أثناء تجربة الطلاق، ومساعدا لعملائه على الانتقال المشترك ضمن وقائع آمنة وصحية من لحظة إلى أخرى، كما أن ممارسته التخصصية تقتضي أن يمارس مهامه في إطار القدوة الارشادية وبحيادية تامة بعيدا عن كل الاسقاطات والتحويلات المضادة التي قد تكون من صميم ماضي ذاكرته، إن الكوتش الأسري يمارس مهامه بصبر ويعلمه للآخرين بفحوصات تشخيصية واضحة وتدخلات علاجية مناسبة لكل حالة نابعة من ما تلقاه الكوتش في تكوينه الأساسي وامتداداته العملية والأخلاقية المنفتحة على المراجع ذات الصلة بمختلف مداخل وأساليب العلاج الأسري.
*كوتش أسري / لايف كوتش