كتب: عبد الرحيم الضاقية
تعززت إصدارات الدكتور عياد أبلال بمؤلف جديد اختار له أن يكون محاورا للتقرير العام للنموذج التنموي الجديد ، تحت عنوان « التنمية المفقودة : النموذج التنموي الجديد في المغرب بين إرادة التغيير وإدارة التنمية » . وُيقرأ من توقيت الإصدار تريث الباحث وأخذه الوقت الكافي لدراسة التقرير من مختلف جوانبه وتتبع النقاش المجتمعي الذي صاحبه سواء منه الرسمي أو الصحفي أو على مواقع التواصل الاجتماعي ، ثم الوقوف عمليا على بعض ملامح التنزيل على أرض الواقع… وهذا ليس غريبا على باحث في علم الاجتماع . وجاء على لسان المؤلف أن « هذا الكتاب يبتغي قراءة فاحصة ونقدية للتقرير العام للنموذج التنموي الجديد ، في أفق عرض إضافات وشروحات لما ورد في التقرير مستغرقا في التعميم أو التجريد ، وبسط الخطوط والمدارات التي صيغت بلغة التحفظ ، بغية توضيح المستغلق والغامض ، وتيسير الفهم وتعميم التداول النقدي للنموذج ، خاصة وأنه يعد محطة هامة في تاريخ المغرب التنموي . وإذا كانت لجنة النموذج التنموي قد قامت بدورها في البحث والتنقيب عن معضلة التنمية في بلادنا ، فإن هذه القراءة هي بسط تشريحي لاختلافنا معها في عدد من الأمور والقضايا وعلى رأسها ترتيب الأولويات ». إذن نحن هنا أمام دراسة شاملة لا تتوقف عند عتبات النص بل تغوص في اختياراته ومحركاته وتناقضاته و تسائل الكثير من يقينياته وهو ما يجعلها جديرة بالاهتمام والمتابعة الإعلامية . وقد جاء الكتاب في 272 صفحة توزعت على خمسة فصول ومقدمة وخاتمة :
- الفصل 1 : المسار التنموي في المغرب من السياسات العمومية إلى النموذج التنموي الجديد ؛
- الفصل 2 :النموذج التنموي الجديد بين الرغبة في التغيير الوعي به ؛
- الفصل 3 :النموذج التنموي وإرادة التغيير ؛
- الفصل 4 :النموذج التنموي وإدارة التغيير ؛
- الفصل 5 :النموذج التنموي في المغرب ودروس التجارب الدولية .
وقد تميزت مقاربة د. أبلال للموضوع بمنهجية حوار النصوص التي تفضي إلى خلاصات عملية يتم مقارعتها مع الواقع مما يفضي إلى حياة النصوص وليس إلى تراكمها الأرشيفي وهو أشد ما يخافه الباحث على نص النموذج التنموي الذي تبدو بعض اختياراته مشتبكة وملتبسة حتى من حيث التشخيص الذي يعد أمرا سهلا بالمقارنة مع اقتراح الخطط وتدبير التغيير في قطاعات بعينها . وقد اتبع الباحث مقارعة حجاجية تمتح من خلفية سوسيولوجية رصينة تبدو معالمها من الجهاز المفاهيمي الموظف ، وطريقة تناول قضايا شائكة مثل قضية التعليم والاقتصاد والثقافة … وقد فتح الباحث القراءة على التعدد عندما استدعى النماذج التنموية في تركيا والصين واليابان وسنغافورة ليشير بدل أن يحيل ويربط الكلمات بالأشياء ضمن محفل الممكن . كل ذلك مقدم في لغة ممتعة وسلسة ، معززة بمرجعيات غنية تنم عن اتساع أفق الباحث الذي لم يبق متقوقعا على موضوع البحث ولا على تخصصه العلمي ، بل يمنحنا عبر قراءاته باقة متنوعة من النصوص المؤسسة من تخصصات وقارات أخرى . يذكر أن د. أبلال باحث في علم الاجتماع وانثروبولجيا الثقافة وحاصل على الدكتوراه في تاريخ الأديان وله عدة مؤلفات في مواضيع متنوعة أشهرها «الجهل المركب» ويدير ويشرف مجلة باحثون .