(كش بريس/ وكالات): دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أمس الأربعاء إلى تشكيل تحالف عالمي لتسريع نشر تكنولوجيا البطاريات، وحث الدول على تخفيف قيود الملكية الفكرية لتسريع الانتقال من الوقود الأحفوري ومكافحة تغير المناخ.
تأتي دعوة غوتيريش في الوقت الذي أصدرت فيه «المنظمة العالمية للأرصاد الجوية» تقريرها السنوي، الذي خلُص إلى أن أربعة مؤشرات رئيسية لتغير المناخ، وهي تركيزات غازات الاحتباس الحراري وارتفاع مستوى سطح البحر وحرارة المحيطات وزيادة حموضتها، قد سجلت أرقاما قياسية جديدة في عام 2021.
وفي تصريحات مصورة نشرت جنباً إلى جنب مع تقرير المنظمة، وصف مسؤول كبير في الأمم المتحدة التقرير بأنه «مسلسل كئيب لإخفاق البشرية في معالجة اضطراب المناخ»، وحدد خمسة إجراءات يتعين على الحكومات اتخاذها لتحقيق «انطلاقة» نحو التحول في مجال الطاقة.
وقال غوتيريش «نظام الطاقة العالمي مُدمِّر ويقُرِّبنا أكثر من كارثة مناخية»، مضيفاً أنه في حين أن تكلفة تقنيات الطاقة المتجددة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية انخفضت بشكل كبير، إلا أن هناك عقبات تحول دون انتشارها على نطاق واسع. ودعا الدول والمُصنِّعين وشركات التكنولوجيا والمُموِّلين إلى توحيد الجهود لتسريع عملية نشر البطاريات، والتي قال أنها مصلحة عامة ولا ينبغي أن تعوقها قيود الملكية الفكرية.
كما دعا إلى التنسيق الدولي لتوسيع وتنويع سلاسل الإمداد لتكنولوجيا الطاقة المتجددة والمواد الخام، والتي تتركز في عدد قليل من البلدان.
وكرر الأمين العام للأمم المتحدة دعواته للحكومات لإلغاء دعم الوقود الأحفوري.
ومن أجل زيادة إمكانية حصول الدول النامية في العالم على الطاقة المتجددة لتزويد سكانها المتزايدين بالطاقة، دعا غوتيريش أيضاً البنوك الخاصة والإنمائية إلى مضاعفة استثماراتها في مصادر الطاقة المتجددة ثلاثة أمثال، لتصل إلى 4 تريليونات دولار سنوياً، ومساعدة البلدان الفقيرة في التكاليف الأولية المرتبطة بطاقة الرياح والطاقة الشمسية.
وقالت «المنظمة العالمية للأرصاد الجوية» في تقريرها أن محيطات العالم وصلت في عام 2021 إلى أكثر مستوياتها سخونة وحمضية على الإطلاق، بينما ساعد ذوبان الصفائح الجليدية في رفع مستويات سطح البحر إلى آفاق جديدة.
وشهدت المحيطات أشد الظواهر تطرفاً حيث أوردت المنظمة بالتفصيل مجموعة من الاضطرابات التي أحدثها تغير المناخ في تقريرها السنوي «حالة المناخ العالمي».
وقال الأمين العام للمنظمة بيتيري تالاس في بيان «مناخنا يتغير أمام أعيننا. الحرارة التي تحبسها غازات الاحتباس الحراري التي يسببها الإنسان ستؤدي إلى سخونة كوكب الأرض لأجيال كثيرة مقبلة».
ويأتي تقرير المنظمة في أعقاب آخر تقييم مناخي للأمم المتحدة والذي حذر من أن البشرية إمّا أن تخفض بشكل كبير انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وإلا فسوف تواجه تغيرات كارثية متزايدة في مناخ العالم.
وقالت المنظمة أن مستويات ثاني أكسيد الكربون والميثان المسببين للاحتباس الحراري في الغلاف الجوي في عام 2021 تجاوزت الأرقام القياسية السابقة.
وكان متوسط درجة الحرارة في العام الماضي على مستوى العالم أعلى بمقدار 1.11 درجة مئوية فوق متوسط ما قبل الثورة الصناعية، حيث يقترب العالم من عتبة 1.5 درجة مئوية والتي من المتوقع أن تصبح بعدها التبعات والعواقب المترتبة على زيادة حرارة الأرض أشد قوة وحدّة.
وشهدت درجات الحرارة انخفاضاً طفيفاً في العام الماضي مقارنة بعام 2020 بسبب التأثيرات الملطفة المترتبة على ظاهرة «لانينيا» المُبَرِّدة لمياه المحيطات، لكنه كان أيضاً من بين الأعوام السبعة الأكثر سخونة على الإطلاق.
وقال تالاس «إنها مسألة وقت فقط قبل أن نشهد عاما آخر يكون الأشد حراً على الإطلاق».
وتتحمل المحيطات أكبر قدر من الأعباء المترتبة على زيادة الحرارة والانبعاثات. فالمسطحات المائية تمتص حوالي 90 في المئة من حرارة الأرض المتراكمة و23 في المئة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناجمة عن النشاط البشري.
وذكر التقرير أن درجة حرارة مياه المحيطات ارتفعت بشكل ملحوظ في العقدين الماضيين، مسجلة مستوىً قياسياً جديداً في 2021 مع توقعات بأن تصبح أكثر دفئاً. وأشار إلى أن الأمر قد يستغرق قروناً أو حتى آلاف السنين لعكس هذا الاتجاه.
كما أصبحت مياه المحيطات الآن أكثر حمضية من أي فترة سابقة منذ 26 ألف سنة على الأقل، لأنها تمتص كميات أكبر من ثاني أكسيد الكربون الموجود في الغلاف الجوي وتتفاعل معها.
على صعيد آخر توقع تقرير أعدته شركة «وود ماكينزي ليمتد» للاستشارات وصول إجمالي الإنفاق العالمي على محطات طاقة الرياح البحرية إلى تريليون دولار بحلول عام 2031، في إطار التوسع في الاعتماد على تكنولوجيا الطاقة النظيفة وتحقيق أهداف مكافحة التغير المناخي.
وجاء في التقرير أنه بحلول 2030 ستمتلك 24 دولة محطات طاقة رياح بحرية بقدرة إجمالية تصل إلى 330 غيغاوات، مقابل محطات بحرية بقدرة 34 غيغاوات في 9 دول فقط في نهاية 2020. وسيصل الإنفاق التراكمي على إقامة هذه المحطات على مستوى العالم إلى تريليون دولار بحلول عام 2031. وقال سورين لاسن أحد محللي «وود ماكينزي» الذين أعدوا التقرير أنه بعد أن أصبحت محطات طاقة الرياح البحرية أكثر انتشارا كجزء من نظام الطاقة، تتطلع شركات المرافق والحكومات إلى ما هو أبعد من التكاليف المنخفضة عند اتخاذ قرار بشأن المصدر التي سيتم منه شراء توربينات طاقة الرياح.