(كش بريس/ خاص) ـ
ناقش الطالب الباحث الفلسطيني باسل أمين عبد العزيز رجوب مؤخرا أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام والعلوم السياسية، في إطار مختبر الدراسات الدستورية وتحليل الأزمات والسياسية بكلية الحقوق بمراكش، أمام لجنة علمية مكونة من الأساتذة محمد بنطلحة (الأستاذ في كلية الحقوق بمراكش) رئيسا ومقررا، ود.إدريس لكريني (الأستاذ في كلية الحقوق ومدير مختبر الدراسات الدستورية وتحليل الأزمات والسياسات بمراكش) مشرفا، ود.امحمد مالكي (الأستاذ في كلية الحقوق بمراكش سابقا، وعميد كلية القانون بجامعة السلطان قابوس بسلطنة عمان، سابقا) عضوا، ود.العربي بلّا (الأستاذ في كلية الحقوق بمراكش) عضوا ومقررا، ودة.مليكة زخنيني (الأستاذة في الكلية المتعددة التخصصات بآسفي) عضوا ومقررا، تناول فيها موضوع: “القانون الدولي الإنساني في ظل تحديات التطور التكنولوجي”، وقد نال الباحث على إثرها درجة الدكتوراه في القانون العام والعلوم السياسية، بميزة مشرف جدا مع تنويه اللجنة والتوصية بالنشر.
سلطت هذه الأطروحة في قسمها الأول الضوء على أهم المعيقات القانونية والواقعية التي تعتري تطبيق أحكام القانون الدولي الإنساني في النزاعات المسلحة المعاصرة، لا سيما المرتبطة بالتطور التكنولوجي في وسائل وأساليب الحرب، كما أبرزت هذه أثر ظاهرتي اللاتجانس واللاتكافؤ في النزاعات المسلحة على الأمن الإنساني .
كما تناولت بشكل تشاطري آثار التطور التكنولوجي في مجال الأسلحة الحركية وأسلحة الفضاء الرقمي في النزاعات المسلحة السيبرانية، إذ تضمنت مجموعة من الإحصائيات والتقارير المرتبطة بالتكلفة المدنية لاستخدام الطائرات بدون طيار في المناطق الحضرية والمدن المأهولة بالسكان المدنيين، وحلّلت أثر استخدام أنظمة الأسلحة المستقلة ذاتية التشغيل على التقدير الموضوعي والتقييم العقلاني لفرص الامتثال لأحكام القانون الدولي الإنساني أثناء سير المعارك، والتعامل مع الحالات الاستثنائية والطارئة بطريقة تتفق وأحكام القانون الدولي الإنساني.
كما تضمنت الأطروحة أيضا فصلا خاصا بالتطور التكنولوجي في مجال الأسلحة السامة ومسببات الأمراض، وتضاعف تأثيرها في ظل العولمة، وتنامي حجم التدفقات العابرة للحدود، وكذلك أبرزت دور التكنولوجيا في إنتاج أسلحة نووية وكهرومغناطيسية أكثر فتكا بالإنسانية.
وتم تخصيص القسم الثاني منها بشكل كامل لأسلحة الفضاء الرقمي والحروب الدولية السيبرانية، وناقشت تطور مفهوم القوة في العلاقات الدولية، وأثر ذلك على مبادئ أساسية في القانون الدولي كالسيادة الوطنية والدفاع الشرعي والحياد، وتأثيره على العقائد العسكرية التي تغيرت استجابة للتهديدات الأمنية غير التقليدية التي برزت على الساحة الدولية.
أبرزت الأطروحة كذلك، أثر تداخل الشبكات المدنية والعسكرية في الفضاء السيبراني، ودور ذلك في مفاقمة المخاطر التي تتعرض لها البنية التحتية الحيوية والممتلكات الرقمية الخاصة، كذلك سلطت الضوء على تداخل أدوار الفواعل الدولاتية واللادولاتية في الفضاء السيبراني، وحلّلت مدى القدرة على تحقيق التوازن بين المصالح المتضادة في الفضاء السيبراني بين حق أطراف النزاع المسلح في تحقيق نصر سيبراني والحفاظ على الاعتبارات الإنسانية التي يقتضيها مبدأ الإنسانية الذي يرتكز عليه القانون الدولي الإنساني.
مكّن البحث في موضوع الأطروحة الباحث من الوصول إلى مجموعة من الخلاصات والنتائج، أهمها: أن التطور التكنولوجي فرض ضرورة تطور مفاهيم قانونية أساسية؛ كتطور مفهوم الميزة العسكرية والمشاركة المباشرة في الأعمال العدائية، بالإضافة إلى تطور مفهوم الممتلكات الخاصة والأعيان المدنية، وكذلك أن التطور التكنولوجي يقوض العدالة الجنائية الدولية؛ وذلك من خلال توفير إمكانيات أفضل للتنكر والتخفي، كما أن القتل المستهدف بالتحكم عن بعد يعقد مساعي الوصول إلى الجاني الحقيقي وتفعيل الإجراءات المسطرية بحقه.
وقد توصل الباحث إلى أن النزاعات المسلحة غير الدولية تمثل الغالبية العظمى من النزاعات المسلحة المعاصرة، إذ نتج ذلك عن فشل الدولة في توفير الأمن والحفاظ على السيادة الوطنية، وتراجع الدولة “الوستفالية”، وأبرزت الأطروحة أثر تفاعل الدول مع أطراف هذه النزاعات، من خلال تقديم الدعم المادي واللوجستي في بروز نوع جديد من النزاعات المسلحة في تجاوز النطاق الحالي لتطبيق القانون الدولي الإنساني، وبروز نزاعات مسلحة داخلية مدوّلة.
قاد البحث كذلك إلى أن المشكلة الأساسية التي يواجهها القانون الدولي الإنساني في النزاعات المسلحة المعاصرة، لا تنحصر في عدم الكفاية المعيارية، بل في عدم رغبة الدول التي تنخرط في النزاعات المسلحة في الامتثال لأحكام القانون الدولي الإنساني، وبحثها المتواصل عن آليات تمكنها من الالتفاف على قواعده.