(كش بريس/خاص) ـ احتضن اليوم الجمعة، المركز الإقليمي لمهن التربية والتكوين بمدينة قلعة السراغنة، لقاء تربويا فكريا حول كتاب “سارليكسيا.. بوح شفيف” للكاتبة الباحثة والشاعرة فوزية رفيق الحيضوري، بمشاركة نخبة من الباحثين الأكاديميين وطلبة المركز ومثقفي وإعلاميي المدينة.
وانطلقت الندوة، التي نظمتها مؤسسة “كش بريس” الإعلامية والمركز الإقليمي لمهن التربية والتكوين بالقلعة بتعاون وتنسيق مع جمعية الكوثر وتنسيقية الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية ومركز عناية، (انطلقت) بإلقاء كلمة لمدير المؤسسة المستضيفة الدكتور عبد الرزاق مجدوب، ركن فيها إلى ملامسة أهم جوانب إحفاز الفضاء العلمي التربوي بتجربة أساسية رائدة، تنتمي لجيل الحوار والتشاور المفتوحين على المؤسسة التربوية، ومدارات ذلك في الارتقاء بالعملية التعليمية التعلمية، وتأسيساتها الضافية في بنى المعرفة والتفاعل الاتصالي بين مكونات المدرسة.
وأكد مجدوب على أهمية اللقاء بالكاتبة فوزية رفيق، انطلاقا من تجربة تصنف في سياق الحديث عن “مراكز الاستماع” ذات الأولوية في تحصين إكراهات التعلم من شوائب الحياة ونظاماتها المختلة. مستدلا بقيمة المعلومات المبتوتة على طول خط الكتابة وامتلائها بما يجسد عمل الكاتبة المربية رفيق فوزية، وانتقالاتها المبدعة بين حالات التسريد ومضامينها الممزوجة بهوى الاقتدار ومهنية التوجيه .
وحول مسار “سارليكسيا..” البيداغوجي والمعرفي، تحدث الباحث والإعلامي الدكتور مصطفى غلمان، عن مفهوم البداغوجيا، القائم أساسا على نظريات تشكل ضمن ما تشكله، معلومات مكتسبة واختيارات، هي في الأول والأخير أنساق وعلامات تربوية موجهة لتحقيق طفرة العملية التعلمية في أسمى تجلياتها.
وأوضح غلمان أنه بالاستناد إلى المناهج البيداغوجية الحديثة، فإن واجهة أساسية في بنى هذا التقييم، يتأثر صراحة بعمق وتقاطع العلاقة المعرفية والسيكولوجية التي تجمع الأستاذ بالتلميذ، فيصير الرابط الذاتي الذي يضمن النهج السليم والفهم الجيد لهذه الفاعلية التبادلية عبارة عن حديقة غنسانية مفتوحة ، تبادر إلى ضبط وإبراز القدرات الادراكية للمتمدرس، في علاقته بالمجتمع والمحيط المؤسسي والأسري، وما تفرزه هذه العلاقات البينية خارج العملية إياها.
واستنتج الاعلامي غلمان، أن تحقيق هذا الاندماج وإبداع بيئات تعليمية تعلمية مثالية، هو بالأساس ما تقوم عليه نظرية “مراكز الاستماع”، مشيرا إلى مجموعة من النظريات الموازية الت يشاكلت هذا النوع من الخطاب، خصوصا ما اعتبره روني اوبير في اقترابه من قيم الاستماع وانوجاده في النفس الدارسة وطريقة تصريفها في العملية التربوية، وكذا إدماج المتمدرسين التربوية في تفكير دوركايم، الذي يعتبر الحوار مع التلميذ تنمية داخلية تحفيزية مباشرة، بينما يجنح جان جاك روسو إلى ما يسميه ب”انتقال الخطاب النظري إلى التطبيقي الميداني، معتبرا أن التوجه نحو خدمة الفرد والمتعلم بصفة عامة أكثر من الاهتمام بالخطاب النظري”.
وتابع المتدخل التالي، الباحث الدكتور أخي السعيد ، استعراضه لأهداف الكتاب المسطرة وما بعدها، في مزج ذكي لعلاقة المكتوب بالمؤسس عليه، واستقصاء للتجربة التربوية، من حيث كونها تختزل وجها آخر من وجوه المعرفة والتعلمات الماثلة في المناهج والإواليات التربوية.
وأفرد الباحث السعيد وجوه هذه المعالم، من خلال إخضاعها لآليات وقياسات نظرية معلومة، حيث أفرد ضمن سياقاتها الفضلى، جملة من البواعث القيمية والتربوية والنفسية، التي أضاءت بعضا من هوامش التفكير والممارسة التربوية في كتاب “سارلسكسيا.. بوح شفيف” للكاتبة فوزية رفيق.
المتدخل قام بقراءة الكتاب التربوي باقترابية الباحث المدقق والمربي الممارس، حيث تتكامل فيها عملية تقريب الأساليب البيداغوجية للعملية التربوية (في نموذج مراكز الاستماع)، القراءة فككت باللغة البلاغية الصافية الراقية وبأسلوب ديداكتيكي نبيه، أوثاق الرؤى واستخلاصاتها في معالم تدبير الكتابة انطلاقا من مراكز الاستماع . كما أن القراءة كانت مثار استدرار لمجموعة من التفاعلات والعناصر المؤسسة للاستماع، كعلم إنساني تربوي مفصلي تتقاطع فيه الذات مع المجتمع والمدرسة مع المؤسسة الأسرية.
أما الباحث الأكاديمي الدكتور أحمد الوظيفي، فسبر الكتاب موضوع اللقاء، انطلاقا من مبدئية تقاسم التجربة والمعرفة بها، في المجال التربوي والمدرسي، واضعا الخلاثات الأولى، انطلاقا من القراءة التفاعلية التي أنتجتها مدارة المقارب. مع استنتاج تعميم الفائدة وتداولها، وكذا ترادف التقاء المهنة النبيلة بكل إيجابياتها وغكراهاتها، ودوافع الاستمرار والسيرورة المعنية بالمقاربة، وأيضا تجربة التدوين والانتاج المعرفي من داخل مجال الممارسة، بافضافة إلى إحفازات توجيد هذه المعرفة على مستوى الاداءات البيداغوجية والديداكتيكية ، ثم آليات تجديد هذه المعارف التي هي بحاجة لمواكبة واستحضار متواصل.
محاولة قراءة الكتاب في تفكير الوظيفي، انطلاقا من مجال الاشتغال التربوي تؤطرها المداخل العامة للعلاقة بين التعلم وأنشطته الموازية، بين الخاص الذي هو فعل مماحك لعلاقاتنا وتقاطعاتها، والعام الذي هو جزء من المكون الاجتماعي المدرسي.
الدكتور الوظيفي قدم لحظات واعية بسياقات المكتوب ونظر المؤلفة، حيث أبدع في تصنيف واستبصار هذه الممكنات التي تدور حولها مستهدفات العملية التعليمية التعلمية، واضعا بعين الاعتبار تجربة الكتابة عن واجبات تربوية هي في المحصلة إحدى ركائز الابعاد البيداغوجية في التربية الصفية.
كلمة أخيرة ألقتها المكرمة الأستاذة رفيق فوزية الحيضوري، لامست جوانب إنسانية ونفسية في تجربتها “سارليكسيا.. بوح شفيف”، حيث الجدوى الأساسية عمق العلاقة الجامعة بين الأستاذة والتلامذة، بما هي انبثاق لتأسيسات نبعت من داخل الدرس الصفي، تراعي المقدرة على الاحساس بالآخر ، والانتماء لقضاياه ولذاته ..
الباحثة رفيق انفتحت في جوانب من هذه الطريق الطويل والشاق، على سرديات مأساوية تثير العديد من التساؤلات، حول بنية المجتمع المدرسي، وعلاقة ذلك بالعملية التربوية، وبالانتماء لمؤسسة المدرسة.
وعلاقة بذلك، تمكنت الأستاذة رفيق من استحضار عناصر نجاح التجربة، وارتكانها إلى معاودة التدوير (التجربة) والحلم لأجل تحقيق الأفضل في ما يمكن العمل على إضافته بالجودة نفسها، وبالتأمل في استعادة الحياة المدرسية، التي هي جزء مكون من تينك الطفرتين: الاستماع والتواصل التربوي.
وتجسد هذا الانفتاح في ختام الحفل القرائي، مع الحوار الذي ترابط في جسر القول بين بوح طالبات المركز التربوي، وثلة من الباحثين في المجال، حيث تماهت القراءات الثاوية للمؤلف، مستحضرة جليل الأعمال التي مارستها المؤلفة على أكثر من واجهة، مع الإشارة إلى ضرورة الاستفادة منها ومطالبة الوزارة الوصية على القطاع، على تبنيها وجعلها مضمارا للتأسيس على مادة من مواد البيداغوجيات المعمول بها.