(كش بريس/ التحرير) ـ تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي مشاهد من صهريج المنارة بمراكش، مليئا بالأزبال والقاذورات والأسماك الميتة الطافية على جنباته. ما خلف استياء عارما لدى عموم المواطنين وزوار المدينة الحمراء.
ويعبر المشهد الذي وثقته كاميرا هاوية لمواطن من آكدير، والذي لقي إقبالا كبيرا في وسائل التواصل الاجتماعي، الحالة المزرية التي أضحى صهريج المنارة يعاني منها، والإهمال غير المسبوق للتحفة الفنية التاريخية الفريدة، التي أصيبت بتعرية أركيولوجية وبشرية متساوقة مع التغيرات المناخية القاسية، التي يعيشها المغرب السنوات القليلة الماضية.
وكانت جمعيات ومنظمات مدنية قد وجهت نداءات سابقة لجماعة مراكش والمجالس الترابية المنتخبة، من أجل إنقاد مجال المنارة، بترميم الصهريج وجنباته والقبة التراثية الجميلة، مع إيلاء أهمية لصيانة أعماق الصهريج بتفريغه من بقايا الطين وتوجيهه لخدمة الحدائق ، دون أن تخلف النداءات المتواصلة أي صدى.
وسبق لوالي جهة مراكش الأسبق أحمد حصاد، أن قدم مشروعا لصيانته والاعتناء به، عن طريق إقامة أنشطة سنوية فوق ركح متحرك يقام على بساط ماء الصهريج، لكنه لم يكتمل، وتم إلغاؤه بعد جدال حول الصفقات التي تضمنته والمستفيدين منها.
جدير بالإشارة، إن صهريج المنارة تم تأسسه عام 1157 م في عهد السلطان عبد المؤمن بن علي الكومي أول ملوك الدولة الموحدية، واتُّخذ في بادئ الأمر مكانا لتدريب الجنود أبجديات السباحة وفنون القتال البحري. وقد حضي بإبداع خاص من مصممه عبقري الهندسة في العصر الموحدي “الحاج يعيش المالقي”، والذي يرجع له الفضل في بناء مسجد الكتبية الشهير، ومنبر الكتبية المتحرك، وحصن جبل طارق الذي ما زال صامدا إلى الآن.
و صهريج المنارة كان مخصصا لتدريب الجنود بادئ الأمر، قبل أن يتم بناء مقصورة المنارة البهية على يد السلطان العلوي محمد الرابع سنة 1870م، لتتحول بذلك إلى مكان للاستجمام يهرب إليها السلطان من حر المدينة الحمراء يبلغ طول صهريج المنارة 200م وعرضه 160م، أما العمق فيتحدد في مترين ونصف. وتحيط بالصهريج أشجار الزيتون حيث تعد بالمئات و تسقى من مياه الصهريج نفسه الذي جلبت له في السابق من ضواحي أوريكا بواسطة تقنية المجاري الجوفية المسماة الخطارات التي ابتكرها ابن المؤنس المرابطي، أما الآن فالمصدر الرئيسي للمياه هو القناة المسماة “زرابة” أو الروكاد القادمة من سد مولاي ادريس باقليم أزيلال وطولها 117 كلم.