قال محمد بنلعيدي، الفاعل المدني و الحقوقي، والمهتم بتدبير الشأن العام و الهندسة الاجتماعية، متسائلا: إنه بعد مرور 10 سنوات، هل حان وقت مساءلة وتقييم عقد البرنامج الخاص بالمواكبة المالية لمخطط المغرب الأخضر بإقليم سيدي بنور؟ وكيف هو حال الضيعة حاليا التي زارها ملكنا ؟
وأوضح بنلعيدي، في تصريح خص به موقعنا، إنه “انطلاقا من أدوارنا كفاعلين في المجتمع المدني مهتمين بتدبير الشأن العام وتتبع وتقييم مختلف السياسات العمومية ترابيا كما كرسهم دستور 2011 وفي إطار العصف الذهني للذاكرة الجماعية بدكالة ومن خلاله تذكير المؤسسات المعنية بترسيخ الحكامة ومحاربة الفساد وتبذير المال العام بما فيها مهام المجلس الأعلى للحسابات”، مقترحا فتح نقاش،” حول موضوع أعتبره بالغ الأهمية وخصوصا بعد مرور أكثر 10 سنوات ما بين التوقيع وإنجاز عقد البرنامج الخاص بالمواكبة المالية لمخطط المغرب الأخضر الذي استهدف إقليم سيدي بنور” , مؤكدا على أنه “سوف لن أتطرق الى ما عرفه المخطط في شموليته على المستوى الوطني والإخفاق الكبير الذي عرفه وهل فشل مخطط المغرب الأخضر وما هي أفق نجاح الإستراتيجية الجديدة؟” .
وأضاف الضيف، أنه ” باعتبار أن عدة فاعلين في المجال الفلاحي ومؤسسات متنوعة أجمعت بأن المخطط فشل في تحقيق الأمن الغذائي لتهميشه حاجات السوق الداخلية، وتركيزه على التصدير وتقليص الزراعات المعيشية، في حين يتهمه آخرون باستنزاف الموارد المائية لتشجيعه زراعات مستنزفة للمياه مثل الأفوكادو والبطيخ وغيرهما، في وقت تعاني فيه البلاد من ندرة المياه في ظل التغيرات المناخية”.
وفي تحليل تقييمي للواقع قال بنلعيدي، “أولا لابد من التذكير أنه في أخر أكتوبر 2008 بجماعة بني هلال إقليم سيدي بنور . ترأس جلالة الملك حفل توقيع عقد برنامج خاص بالمواكبة المالية لمخطط المغرب الأخضر بقيمة 20 مليار درهم للفترة الممتدة من 2009 إلى 2013، وكان يقضي العقد بتعبئة استثمارات بقيمة 20 مليار درهم من طرف مؤسسة القرض الفلاحي للمغرب، ابتداء من فاتح يناير 2009،تم تخصيص للقطاع الفلاحي وقطاع الصناعات الغذائية، منها 14 مليار درهم، توجه لتمويل الحاجيات في مجال الاستثمار بالنسبة للفلاحين، وفق المقاربة البنكية الكلاسيكية، و 5 ملايير درهم تجري تعبئتها من طرف شركة تمويل التنمية الفلاحية، التابعة للقرض الفلاحي، لتمكين صغار الفلاحين من الاستفادة من القروض، ومليار درهم توفرها مؤسسة “أرضي” للقروض الصغرى والمتوسطة كما أن هده الاتفاقية وقعها كل من عزيز أخنوش، وزير الفلاحة والصيد البحري (سابقا)، وصلاح الدين مزوار، وزير الاقتصاد والمالية، وطارق السجلماسي، رئيس مجلس إدارة القرض الفلاحي للمغرب(سابقا)..”.
واستطرد بالقول، إنه ” للأمانة الفكرية لابد من التذكير أنه تم تقديم هدا المخطط كونه يتمحور حول ستة أفكار قوية، تنطلق الأولى من كون الفلاحة يجب أن تكون أحد محركات تنمية الاقتصاد الوطني، على مدى الخمس عشرة سنة المقبلة، عن طريق إحداث تأثير قوي على معدل نمو الناتج الداخلي الخام، وخلق فرص العمل، وإنعاش التصدير ومحاربة الفقر” .
مشددا على أنه” مع الأسف سيتضح بالملموس أن كل أهدافه لم تصل الى غايتها حيث أصبح مثلا سببا مباشرا في تقليص فرص الشغل كما سيتحول إلى صندوق هائل لمنح و توزيع الإعانات بأشكال مختلفة على كبار الفلاحين في ما سمي بالتجميع هده الفئة التي يتم الإغداق عليها بالتسهيلات والإعانات للاستمرار في الإنتاج و الاستثمار, هدا بدون الغوص لما آلت إليه المنتجات الفلاحية حاليا من أثمان غير مسبوقة كل يوم تضرب القدرة الشرائية للمواطنين.
وفي يناير 2012 بجماعة المشرك سيطلع جلالة الملك على عدد من مشاريع التنمية الفلاحية بجهة دكالة -عبدة والتي تطلبت تعبئة استثمارات مالية بقيمة تناهز 5،4 م.د وكذلك على تقدم إنجاز برنامج اقتصاد ماء السقي بالدائرة السقوية لدكالة الذي رصد له مبلغ 5.3 م.د وكذلك على برنامج تنمية سلسلة التين بالجهة بكلفة 42 مليون درهم بالإضافة إلى برنامج تنمية المنتجات المجالية (العسل والكمون) بجهة دكالة –عبدة بقيمة 16،28 مليون درهم”.
وتابع بالقول، “كانت كلها برامج واعدة لقت استحسانا كبيرا من طرف مختلف الفاعلين في المجال و لكن و بعد مرور 10 سنوات من انتهاء عقد البرنامج يجب على كل المهتمين و المتتبعين والمؤسسات المكلفة بترسيخ الحكامة وبالمساءلة والمحاسبة حول أوجه صرف المال العالم فإلى أي حد هده البرامج حققت أهدافها وما هو أثرها على أرض الواقع وكم هي فرص الشغل التي تم خلقها بالإضافة ماهي نسبة مساهمة هده البرامج في التنمية المحلية والمجالية وإلى أي حد عاملي إقليم سيدي بنور(السابق و الحالي) ومختلف مسؤولي المديرية الجهوية للفلاحة ومعهم المنتخبين و البرلمانيين وكبار الفلاحين هم راضون على ما تم تحقيقه من عدمه . وهل تم تحقيق الاستدامة في الإنتاج الفلاحي كما كان معول عليه أم واقع الحال يؤكد عكس دلك فهناك من المحظوظين و خصوصا بعض المنتخبين المحسوبين على فئة الفلاحين ازدادوا غنى وتوسعت ثروتهم وفئة عريضة من الفلاحين لازالت تئن تحت عتبة الفقر”.
وفي ذات السياق مضى يؤكد، على أنه “لابد في الأخير الإشارة إلى حدث مهم عرفته سنة 2012 أثناء تقديم عدد من المشاريع الفلاحية أمام أنظار الملك محمد السادس حيث ستحظى إحدى الضيعات التي اعتبرت في دلك الوقت بالنمودجية التي هي في ملكية عبد السلام بلقشور رئيس جماعة الزمامرة ومستشار برلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة أنداك ، واعتبرها البعض بالضيعة الرائدة في مجال تحديث وعصرنة أنظمة الري، واقتصاد استعمال المياه، وتحسين مردودية إنتاج الشمندر السكري، والحبوب والدرة. والتي كانت تضم 10 آبار بعمق 120 مترا لكل منها، و5 أحواض لتخزين مياه الري، بسعة إجمالية تبلغ 130 ألف متر مكعب، و 5 محطات للضخ، وأخرى للتصفية، وشبكة للسقي بالتنقيط”.
وخلص الفاعل المدني، إلى أنه “أمام كل ما سبق ذكره من أموال باهضة جزء كبير من الأموال العمومية وبالمقابل تواضع إنجاز و تحقيق أهداف المخطط المغرب الأخضر فكيف هو واقع حال (الضيعة ) التي حضيت بالزيارة المولوية وهل أمثالها من المشاريع الفلاحية حققت أهداف المخطط في استدامة الإنتاج الفلاحي ومساهمة هده المشاريع في تنمية منطقة دكالة وإقليم سيدي بنور على الخصوص” .