على هامش نشر خبر استثمار العملاق الصيني” هوايو” في الصحراء المغربية بإحداث شبكة صناعية كبرى
ما فائدة الناطق الرسمي باسم الحكومة ، ما لم يكن يقظا منتبها وحذرا ، على مدار الوقت، يروج لسياسات المملكة وإنجازاتها؛ حتى وإن اضطر إلى توسل الأعذار ، إذا لزم الأمر، لتصحيح أخطاء أو الحديث الصريح بموضوعية عن إخفاقات وتقصيرات مسجلة في قطاع شعبي أو حكومي؛ فقد باتت الشفافية الوسيلة المثلى لكسب المصداقية في الداخل والخارج .
وخلال الأيام الأخيرة، راج خبر، بصورة مكثفة، لا يمكن أن يصدقه إلا غشيم في الاقتصاد، أو جاهل بقواعد التجارة والعلاقات الدولية وما معنى الاستثمار الأجنبي في أي بلد .
فقد روجت مواقع صحفية مغربية وتسابقت فيما بينها، من أجل نشر خبر بعناوين مثيرة ؛ يتعلق بعزم عملاق صناعي صيني، استثمار مبلغ مالي ضخم في المناطق الجنوبية المغربية ( العيون ومناطق أخرى) بغرض إحداث شبكة صناعية كبرى لصناعة وتصدير أنواع بطاريات السيارات الكهربائية، وأجهزة أخرى تكنولوجية متطورة؛ ما يعني أن المغرب سيصبح الرائد في المجال الذي سيوفر 13 ألف فرصة شغل أولا، وذا قدرة عالية على التصدير لبلدان غربية كثيرة بينها الولايات المتحدة.
وبطبيعة الحال، فإن حجم الاستثمار المروج له، كبير جدا ولا يمكن تصديقه، ما لم يكن مدعوما بمحادثات رسمية مكثفة بين البلدين، وعلى أرفع المستويات والشراكات ؛ إضافة إلى تنسيق محكم بين القطاعات الوطنية المتدخلة؛ خاصة وأن ذات المنابر الاعلامية، ذهبت بعيدا في الاستنتاج الافتراضي ، معتبرة أن مراهنة شركة ” هوايو” العملاقة؛ للاستثمار في الصحراء؛ يعد بمثابة اعتراف دبلوماسي من جمهورية الصين الشعبية، بالوحدة الترابية للمملكة المغربية .
جدير بالذكر، أن حكومتي بكين والرباط، لم تنشر أي بلاغ رسمي أو ما يشبهه : أحادي أو ثنائي؟ يضفي المصداقية على الخبر المروج له على نطاق عالمي؛ ليحدث الأثر السياسي المطلوب وردود الفعل المحتملة، في البلدين وفي العالم ؛ ما دام الأمر يتعلق بصناعة المستقبل .
المؤسف أن الاشاعة المستنسخة، وما رافقها من لزوم الصمت من الجهات الرسمية ؛ أضحت السمة المميزة في بعض المواقف الاعلامية للدولة المغربية؛ يضاف إليها أن وزارات الخارجية ، الاتصال، التجارة والصناعة والمالية وغيرها من القطاعات الحكومية المعنية باستثمار حجم مالي كبير . لزموا كلهم أسلوب الصمت المطبق، تاركين الإشاعة تسري سريان النار في هشيم الصيف الحار .
وطبيعى أن يتبنى الذراع الإعلامي للمملكة، أي الوكالة الرسمية للأنباء، نفس عقيدة السكوت؛ ولسان حال العاملين فيها يقول : “وما لنا ونفي أو تأكيد خبر، لا نعرف مصدره ومن يقف وراء ترويجه، لم تصدر لنا تعليمات بخصوصه” .
من المفارق الغريبة والمريبة؛ أن منصات اخبارية وطنية ومحلية، نقلت تصريحات عن موظف عادي في المركز الجهوي للاستثمار بمدينة “العيون”حيث أطلق العنان لخياله وخاض في قضايا أكبر من صلاحياته، ودرجة مسؤوليته؛ بل لربما كانت أوسع من مداركه.
من أهدى هذا السلاح، لخصوم وحدتنا الترابية، لتبييض ماء وجههم، من وسخ وغبار الأكاذيب المتراكمة التي درجوا على الاستثمار فيها وترويجها منذ عقود ؛ دون أن ينجحوا في إقناع الناس بافتراءاتهم السياسية. يلزم الحذر من تكرار أخطاء جسيمة .