من طرائف الترجمة التي لا أنساها، وهي عبارة عن أخطاء وزلات معيبة، وقع فيها بعض المترجمين العرب؛ ليس في إدراك جوهر المعنى، وصعوبة الإمساك بظلاله؛ وإنما خطأهم في أسماء الإعلام.
المختصون في تاريخ الأدب والنقد العربي؛ يذكرون جهود مترجمين كبار، ضمنهم السوري ابراهيم الكيلاني؛ الذي نقل إلى العربية كتب مستعربين فرنسيين كبار، مثل روجيه بلاشير وشارل بيلا.
هذا المترجم الذي درس الأدب الفرنسي، أغوته الحاجة إلى المال؛ فترجم بسرعة فائقة، كتابا بعيدا عن مجال اختصاصه هو “جزء من موسوعة” تاريخ السينما في العالم” لجورج سادول؛ ركز فيه على تاريخ السينما في العالم العربي.
لن أورد فقرات من ترجمة الكيلاني، للحكم على أمانتها ؛ فالذي راعني هو خطأ المترجم في إيراد أسماء نجوم السينما. وهكذا أصبحت ممثلة الاغراء ” هند رستم” ويامن ينسى جمالها وبشرتها البيضاء وشعرها الأشقر.
هذه الممثلة، كتب المترجم اسمها، كما ينطق بالفرنسية ، فصار بالرسم العربي” إيند روستوم”.
أذكر أني والمترجم، ابراهيم الخطيب، عثرنا على الفضيحة الصغيرة لما اشترينا الكتاب في السبعينيات.
ويبدو أن الكتاب المترجم مليء بالمصائب الأخرى، ولذلك أعيدت ترجمته ثانيا وثالثا في سورية ولبنان .
المثال الثاني، يتعلق بدراسة بالفرنسية عن الواقعية الاشتراكية عند (جورج لوكاتش) .
أذكر أن فقرة أشكلت علي في إحدى صفحات الكتاب. أمعنت النظر فيها؛ فإذا بي أكتشف أن المترجم اللبناني، وقع له خلط خطير في حرفي ( PC) وهما رمز الحزب الشيوعي الفرنسي؛ إذ اعتقد أن مقابل الحرفين هو الحاسوب” أي البيسي بالفرنسية.
المثال الثالث، سمعته في جلسة، من المفكر الاستاذ العروي، الذي هداه الله إلى الاطلاع مسبقا، على ترجمة كتابه الشهير “الايديولوجيا العربية المعاصرة”.
اكتشف العروي، أن المترجم اللبناني الراحل “محمد عيتاني” عرب النص كاملا، بما فيه الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي استشهد بها العروي في كتابه؛ ما جعل المؤلف، يتدخل ويوقف صدور الترجمة؛ ريثما يتم التصحيح بالعودة إلى الأصل المكتوب بالعربية, وهو من كتاب الله وقول رسوله.
من الإنصاف أن أشير، نقلا عن العروي، إشادته بالمجهود المبذول في تعريب كتاب، اشتكى الفرنسيون من صعوبته؛ مع أنه محرر بالفرنسية.
ومعلوم أن العروي، عمد فيما بعد، إلى إعادة ترجمة كتبه بنفسه؛ ليس تقليلا من جهود من تجشموا ترجمتها؛ بل لأن المتون ، بطبعها، عصية المعنى؛ بالنظر إلى إحالتها على مراجع وأفكار لم تكن مشاعة ، بالموضوع الكافي، بين قراء العربية، خلال الربع الأخير من القرن الماضي .
أفترض، أن هذا ؛ وحبذا لو تمت الدعوة لمؤتمر، يحكي فيه المترجمون الأحياء، عن معاناتهم مع التباس المعنى ودقة المبنى ؛ ليحكوا عن غرائب الترجمة.