(كش بريس/خاص) ـ عاد جدل ما يسمى بالحافلات الكهربائية الصديقة للبيئة بمراكش، إلى الانتشار والتمدد في مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية، بعد نشر خبر حفل إطلاق دعم مشروع “الحافلات الكهربائية وأنظمة النقل الذكية الصديقة للبيئة من أجل التنمية المستدامة في مراكش”، الذي أشرف عليه النائب الأول لرئيسة المجلس الجماعي بمراكش، والذي سيمتد من 2023 وإلى غاية 2026، بغلاف مالي إجمالي يناهز 13 مليون دولار أمريكي.
ومعلوم أن المشروع المذكور، سبق وأن لقي فشلا ذريعا، بعد أن تم إطلاقه في شتنبر من عام 2017، حيث تم تشغيل الخط الأول من الخدمة الكهربائية، مرتكزا وفق رؤية مستقبلية للمشروع على ربط الأحياء الطرفية بواسطة اثنين من الأعمدة وسط المدينة من خلال 4 خطوط ومن خلال نظام الاستبدال (دوار العسكر، باب دكالة وجامع الفنا).
وكان من المتوقع أن يصل عدد الراكبين على متن حافلة النقل السريع الأولى إلى 60.000 راكب يوميا في السنة الثالثة من التشغيل. علاوة على تشغيل هذا الخط بالإضافة إلى 10 حافلات تابعة لشركة التنمية المحلية. لكن الخطط بقيت حبرا على ورق، وأضحى الخط الشهير الممتد عبر شارع الحسن الثاني، مسرحا للتفكيه والمزاح المراكشي، ومجالا نموذجيا لسوء التدبير والإدارة الجماعية.
ومع أن الجماعة الحضرية لمراكش، عملت في السنوات القليلة الماضية على تسويق هذه الفكرة بشكل مثير، وخصصت لها ميزانية ضخمة للغاية، حيث سعت إلى تعميم معلومات منفوخة، تحيل إلى أن الحافلات سيئة الذكر العاملة بالدفع الكهربائي، ستعزيز التنقل المستدام ومكافحة تغير المناخ بعد المؤتمر الثاني والعشرين للأطراف المعنية بالمناخ (COP22)، فإن خروج أساطينها عن الخدمة ونفاذ وقود تمويلها وإعادة الحياة إليها، سارع بفضح المشروع وخوائه وعدم جدواه؟.
لكن المثير للاستغراب، أن يعاد إلى هذا الكائن الميت والمستديم في موته الروح، ويبعث من جديد، على أنقاض الأحلام التي اجتزأت وحورت معالمها وأعيد تدويرها وإحلالها على نغمة واعدة جديدة؟.
يتساءل مهتمون ومتابعون، عن جدوى توزيع الأدوار في مشروع لاتزال أسئلة تنزيله سابقا، معلقة دون حسيب أو رقيب. أين الأموال التي رصدت للمشروع، ما الذي تحقق منه، وما إكراهاته ونواقصه؟ ما مدى التزام الشركة المفوض لها تصريف هذا المشروع وفقا لدفتر التحملات؟ . ثم ما الذي سنجنيه مرة أخرى من التوقيع على مشروع (مماثل) أو (بديل) يحمل نفس الوظائف والأدوار، وكيف يمكن إقناع المجتمع بأهليته وارتقائه، ونجاعة موقعه في المدينة الجديدة؟. ولماذا كل هذا الإغداق الباذخ عليه (13 مليون دولار أمريكي)، ونحن نعيش في عمق أزمة مالية خانقة؟ . وماذا لو تم التفكير في إعمار غابة جديدة على طول وعرض المدينة الحمراء، التي شهدت في السنوات القليلة الماضية خرابا بيئيا غير مسبوق؟، ألم يكن ذلك أجدى وأجدر من هذه المغامرة غير مأمونة العواقب؟.