( من وحي اليوم العالمي للحد من تعسف الشرطة 15 مارس )
عندما نصر على أنه ينبغي أن تظل الدولة حيادية تجاه الأحزاب ، خاصة ذات الأصول ” الإدارية ” والمرجعية ” الدينية ” بصفتها تنافس المؤسسات على مستوى الشرعيات الإجتماعية والسياسية والدينية ، ففي المسافة الضرورية أكبر ضمان للاستقرار والاستمرارية بالمعنى الذي يضمن ثقة المواطنين أولا ثم «الخارج » المفيد في مجال السلام العالمي و جلب الاستثمار المنتج للثروة الوطنية ثانيا ولاحقا ، فليس تبني المفهوم الجديد السلطة كافيا ، بل لابد من إرساء مفهوم جديد للعدل منطلقه ومنتهاه الديموقراطية. ولأن المناسبة شرط ، ونحن نخلد اليوم العالمي للحد من تعسف الشرطة نذكر بضرورة إخراج المجلس الأعلى للأمن كإحدى أقوى توصية من بين توصيات هيأة الإنصاف والمصالحة ، والتي صادق عليها الملك وأمر بدسترتها وتفعيلها تشريعيا ، فهو المؤهل لإرساء الحكامة الأمنية كصيغة توافقية ، لكن مؤسساتية لتدبير مسلسل التوفيق بين مطلب توسيع مجال الحريات وبين تأطير وتدقيق مفهوم النظام العام ،صيغة تبرز مزايا الأمن الروحي والفكري /حرية المعتقد ، وبين تقنين الحرية في سياق ضمان الأمن القانوني، باعتماد 3 مداخل : الأخلاقي بمعناه الإتيقي و القيمي والحقوقي ثم المؤسسي والتشريعي وهذه الصيغة الانتقالية تؤطرها ثلاثة قواعد :
- عدم التعسف في استعمال السلطة
- عدم التعسف في استعمال القانون
-عدم التعسف في استعمال الحق .
مما يجسد ، ثقافيا وقانونيا ، بأن ضباط الشرطة والعمداء ، كما الطبقة الوسطى في المجتمع هم قطب الرحى في السلسلة على مستوى إنفاذ القانون ، أي حلقة مركزية بين السلطة التشريعية والسلطة القضائية ، فإذا كان مفروضا على المواطنين احترام القانون وعلى السلطة القضائية قول الحقيقة والقانون ؛ فإنه بالنسبة للموظف العمومي في مجال الأمن ، تطبيق القانون دون تمييز ، وطبقا لمبدأ تكافؤ الفرص، خاصة في ظل تغير عقيدة و دور الأجهزة الأمنية من مهمة ووظيفة حماية النظام والوطن الى حماية الدولة وخدمة وحماية المواطنين . وفي ضوء العملية السياسية التي عرفها العهد الجديد والتي انطلقت بمفهوم جديد للسلطة ، انتعش الطموح الى محاولة القطع مع ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان ، وصرنا نعاين انتقالا حثيثا ومترددا ، من المسؤولية المرفقية / الدولتية نحو اقرار مسؤولية الموظف العمومي ،مما يوحي بأهمية التحول من المنهجية والتواتر الى مساءلة الأخطاء الشخصية للمكلفين بالأمن وانفاذ القانون ، عبر تدرج ملحوظ من التعويض عن الشطط في استعمال السلطة الى تجريم تصرفات الموظفين والأمنيين ومساءلتهم .هذا السياق هو الذي يقتضي من الضباط والعمداء أن يحترزوا ، لأن الدولة لم تعد مستعدة للتغاضي عن أي انفلات أمني مفترض ، سببه غير مرفقي أي شخصي وبالتالي فولوج العدالة ، من قبل الفئات الهشة ، يمر عبر الشرطة القضائية ، وبالتالي كل وصم أو تمييز بين المشتبه فيهم ، بعلة الاصابة بالسيدا أو الادمان على المخدرات ، يؤثر على حقوق وحرية النزلاء ، بغض النظر عن كونه محرم دستوريا ومجرم كونيا ، فهو يدخل سوء المعاملة والعقوبة القاسية واللاإنسانية أو المهينة ، كما التعذيب ، حسب مقتضى الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب، وبذلك مطلوب من ضباط الشرطة القضائية توخي الحيطة والحذر، فالتجرد من التمثلات المجتمعية شرط لكل نزاهة وحياد ، وإلا فإن المجتمع لن يصم الدولة ولكن سيُدين المخالفين من بين الموظفين العموميين ، وهو تدبير أفظع من التمييز ، وكما سبق وأن صرحت في محاضرة في المعهد الملكي للشرطة بالقنيطرة ” ليس كل مدمن مجرم وليست كل متعايشة مع السيدا جانحة ؛ إنه تمرين عسير من أجل الإنتقال الأمني لتحيين العقيدة وفك العقدة، لكنه ممر ضيق نحو ضمان المساواة امام القانون وجسر للعبور نحو المفهوم الجديد للعدل ، في اتجاه الاعتراف والإنصاف ” ، فليس الإنتقال الأمني سوى تمثل الأحزاب ووزرائها الشأن الأمني واعتماده عقيدة وركن أساسي ضمن السياسات العمومية ( والبرامج الحكومية ) وتحديث المبادرة التشريعية وآليات الرقابة البرامانية والقضائية كشرط لولوج الديمقراطية من بوابة الحكامة والمحاسبة والشفافية والمسؤولية السياسية و القانونية . - 15 مارس 2014 خلدنا هذا اليوم العالمي بتنظيم ندوة حول الحق في الأمن والحق في التنمية ، انبثقت عنها توصية بتأسيس المختبر المدني للعدالة الإجتماعية والمركز المغربي الديمقراطية والأمن برئاسة موقع المقال .