هناك من يؤاخذ على مثيري النقاش حول ضرورة تقيد القاضي بالقانون بأن هناك موضوعات لها أولوية ؛ صحيح ولكن لكل واحد منا أولوياته وله أن يرتبها حسب حاجاته وخياراته ، ولا رقابة لأي منا على إختياره ، حتى لا نقول لا وصاية لنا على حريته الفكرية ؛ ثم إن ما أثاره فيه كثير من المشترك الذي يتبناه كثير من المواطنين المهتمين ؛ خاصة هؤلاء المؤمنون بقيم المغاربة واعتقاداتهم والذين يطالبون ، من داخل دائرة حرية التدين والحق في الإعتقاد ، يطالبون بإنقاذ النزعة الإنسانية في الدين الحنيف ، من روح التوسط والاعتدال والتسامح ، مع طموح واسع لتطهير ممارسة التدين من مظاهر الأسطورة والشعوذة كتقليد سارت عليه سلفيتنا الوطنية المتنورة . فهذه أولوية لا مناص من خوض غمارها في أفق دمقرطة الحق في الإختلاف ودسترة الحق في الإعتقاد كحماية للمغاربة أولا بإختلاف دياناتهم السماوية / الإبراهيمية ، وغيرهم ممن يعتقدون في مطلب أنسنة الدين والتدين . ولأن المناسبة شرط ؛ فإننا ندعو إلى فتح نقاش للتفاعل مع قرار الدولة المغربية وضع معهد تكوين القضاة والقاضيات تحت الإشراف المباشر للمجلس الأعلى للسلطة القضائية ، بكل ما يعنيه من إخضاع التكوين ، سياديا وكخيار حيوي واستراتيجي ، للسياسة العامة عوض السياسة العمومية ( الحكومية ) ، حيث دق المجلس الوزاري الذي انعقد قبل أسبوعين برئاسة الملك محمد السادس، على حذف “المعهد العالي للقضاء” من لائحة المؤسسات العمومية الاستراتيجية، حيث سيتم تعيين مدير هذه المؤسسة من قبل الملك، باقتراح من الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، طبقا لأحكام القانون المتعلق بإعادة تنظيم هذا المعهد. وفي ذلك تأكيد لمبدأ فصل السلط بإستقلال السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية الحكومية ، مع حفظ إمكانية التعاون على مستوى تشريع السياسة القضائية والسياسة الجنائية خصوصا .