(كش بريس/خاص) ـ قال منتدى الزهراء للمرأة المغربية، في مذكرة التماس رفعها إلى مجلس النواب، إن المادة 49 مدونة الأسرة بصياغتها الحالية لا تمكن من الاعتراف القانوني بالمجهودات التي تبذلها النساء داخل البيت وما تقتضي من أعباء جسيمة ومهمة في تلبية احتياجات الأسرة.
وتهدف التعديلات التي يقترحها المنتدى، ضمن وثيقته الجديدة التي نشرها على البوابة الوطنية للمشاركة المواطنة من أجل جمع التوقيعات المؤيدة لها، إلى ضمان اقتسام الأموال المكتسبة أثناء قيام الزوجية في حالة الطلاق بين الزوجين، والاعتراف بالمال المشترك بينهما كأحد الحقوق المتعلقة بالتركة يستحقه أحد الزوجين عند وفاة الآخر.
وأبرزت الهيئة النسائية المقربة من البيجيدي، أن إبرام عقود لتدبير الأموال المكتسبة مستقلة عن عقد الزواج ظل محدودا جدا في المجتمع المغربي، حيث تسجل إحصائيات وزارة العدل أن أعلى نسبة تم بلوغها خلال 17 سنة هي 0,5 في المائة فقط من عقود الزواج المبرمة، مؤكدا في ذات السياق على أن مجموعة من الدراسات الميدانية الرسمية والمدنية بينت أن المادة 49 غير معروفة على نطاق واسع، كما أن العدول واجهتهم صعوبات في إثارة موضوع إبرام هذا العقد عند توثيق الزواج، مرجعة ذلك إلى عوامل ذات أبعاد اجتماعية، وأخلاقية ونفسية، إضافة الى الثقافة والمعتقدات السائدة وسط المجتمع، التي تدفع الأطراف المتعاقدة إلى عدم طرح مسألة الاتفاق أو الحديث عن تدبير الأموال أثناء إبرام عقد الزواج؛ إذ مازال ينظر إلى هذه المسألة أنها تمس الثقة المفترضة بين الزوجين وتثير الحرج بينهما بحسب ما هو مألوف ومتعارف عليه بين الناس.
ولم يفت المنتدى المذكور التنبيه إلى أن عدم التوثيق يلحق الضرر والحيف بالعديد من النساء، وكذا بعض الرجال، ويسبب ضياع الحقوق في نصيب كلا الزوجين من الأموال التي اكتسباها بشكل مشترك عند النزاع في حالة الطلاق وعند الترمل، بالنظر إلى الصعوبات المتعلقة بنظام الإثبات الذي اعتمدته المادة 49.
وأكدت المذكرة على أن هذا الملتمس يهدف إلى تطبيق مبادئ الدين الإسلامي الحنيف القائمة على حفظ الحقوق والمساواة والمعاشرة بالمعروف، وتحقيق مناط ومقصد النص القانوني المتعلق بمؤسسة الأسرة، وإقرار العدل والإنصاف فيما يتعلق بحق الزوجين فيما اكتسباه من جهدهما في تنمية أموال الأسرة بعد الزواج، ولغاية تحقيق العدل والإنصاف، والإسهام في إشاعة ثقافة الاعتراف والفضل المتبادل بين الزوجين، وهو ما يسعى، حسب ذات المصدر، إلى تفعيل مرامي الوثيقة الدستورية التي كرست من خلال الفصل 19 مبدأ المساواة بين الجنسين، وعملت على دسترة الأسرة في الفصل 32، كما أحدثت مجموعة من الآليات التي أنيطت بها مهام ضمان هذه الحقوق والعمل على حماية الأسرة، فضلا عن الالتزام بمقتضيات المواثيق الدولية ذات الصلة، ولاسيما اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة التي نصت على الحقوق الإنسانية للنساء، وانخراطا في الدينامية الدولية الداعية للاعتراف بأعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر والعمل المنزلي وتقديرها.
ويقترح الملتمس تعديل المادة 49 من المدونة من خلال نصها صراحة على أن الأموال التي ستكتسب أثناء قيام العلاقة الزوجية هي أموال مشتركة بين الزوجين يستحق كل منهما نصيبه حسب مجهوداته في اكتسابها، ومراجعة نظام الإثبات في مجال المساهمة المالية للمرأة بما يضمن إمكانية الوصول إلى مختلف أشكال مساهمتها في تنمية أموال الأسرة، وذلك بالاستناد إلى مبادئ الفقه المالكي واجتهاداته في حماية الحقوق المالية للزوجين، تماشيا مع عدالة الشرع المبنية على التكامل بين الرجل والمرأة.