(كش بريس/وكالات) ـ اقترن اسم أسطورة كرة القدم الفرنسية والعالمية التي رحلت الأربعاء الفاتح من مارس، جوست فونتين بالمغرب على الرغم من أن إنجازاته الأهم جاءت مع منتخب الديوك وأندية الدوري الفرنسي. ولد الهداف الفرنسي بمدينة مراكش المغربية عام 1933 وكانت بدايته في المراحل العمرية الصغيرة مع نادي “سبور مراكش الرياضي” ومثل المنتخب المغربي بين عامي 1952 و1953، قبل أن ينهي مسيرته بعالم كرة القدم بتدريبه لأسود الأطلس وقيادتهم للفوز بالمركز الثالث في كأس الأمم الأفريقية عام 1980.
لعب المغرب دورا هاما في مسيرة نجم كرة القدم الفرنسي جوست فونتين، الذي توفي الأربعاء عن 89 عاما. فعلى الرغم من المشوار القصير لـ”ابن المغرب” الذي لم يتجاوز سبعة أعوام مع منتخب فرنسا ، حفر فونتين اسمه بالذهب في تاريخ كرة القدم وبات مقترنًا بالأهداف الـ13 التي سجلها في مونديال السويد 1958، وهو رقم قياسي في نسخة واحدة من كأس العالم لا يزال صامدا حتى الآن. والمغرب كان جزءا من هذه المسيرة الاستثنائية.
ولد فونتين عام 1933 في مدينة مراكش المغربية لأب فرنسي وأم إسبانية، عندما كانت المملكة تحت الحماية الفرنسية. وكان والده الآتي من تولوز، قد عين مفتشا في إحدى شركات التبغ.
بدأ مداعبة كرة القدم في مسقط رأسه مع نادي “سبور مراكش الرياضي” حيث أظهر مهارات عالية واستعدادا فنيًا وبدنيا قويًا بانطلاقاته المركزة في المحور التي كانت تزرع الخوف والارتباك وسط المدافعين. انتقل بعدها للعب في أبرز الأندية المغربية قبل الاستقلال وهو الاتحاد المغربي ومقره الدار البيضاء.
مع الاتحاد الرياضي المغربي فاز فونتين بلقب الدوري المغربي (الذي كان يعرف باسم عصبة المغرب) وبطولة شمال أفريقيا عام 1952 وكأس شمال أفريقيا عام 1953.
كذلك مثل فونتين المنتخب المغربي بين عامي 1952 و1953.
الرحيل من المغرب نحو نيس الفرنسية
في عام 1953 شوهد من طرف مسؤولي نادي نيس الذين قرروا ضمه إلى الفريق، فسافر فونتين إلى سواحل الجنوب الفرنسي وأمضى ثلاثة مواسم محققا لقب الدوري عام 1956، قبل أن يقرر الانضمام إلى فريق رينس في صيف العام ذاته، خلفا للهداف المعروف ريمون كوبا الذي انتقل إلى ريال مدريد الإسباني.
وفي هذا النادي انفجرت مواهب الهداف القادم إلى الأضواء العالمية، إذ تمكن من تسجيل 116 هدفا في الدوري الفرنسي بين 1956 و1960، ونال لقب هداف الدوري مرتين عام 1958 بتسجيله 34 هدفا، وعام 1960 بتسجيله 28، واحتل في المرتين الأخريين المركز الثاني في لائحة ترتيب الهدافين.
حقق مع رينس لقب الدوري 3 مرات (1958، 1960، 1962) وخاض معه نهائي كأس الأندية الأوروبية البطلة (دوري الأبطال حاليا) عام 1959 الذي خسره امام ريال مدريد.
انضم إلى المنتخب الفرنسي في 17 ديسمبر 1953، ولعب أول مباراة له مع “الأزرق” ضد منتخب المجر في كولومب، إلا أنه غاب عاما كاملا عن التشكيلة، قبل أن يعود إليها كلاعب احتياطي.
وفي نهائيات كأس العالم 1958 التي أقيمت في السويد، سافر فونتين مع منتخب بلاده كلاعب احتياطي، إلا أن إصابة هداف الفريق الأساسي رينيه بليار، أتاحت له الفرصة ليكون ضمن التشكيلة الأساسية، وعندها بدأت قصة هداف من طراز نادر لا يزال اسمه خالدا بفضل أهدافه الـ13 في نسخة واحدة وست مباريات، وهو إنجاز عجز أي لاعب عن تحقيقه.
حتى يومنا هذا، سجل ثلاثة لاعبين فقط أهدافا في نهائيات كأس العالم أكثر من فونتين، هم الهداف التاريخي الألماني ميروسلاف كلوزه (16 في أربع نسخ)، البرازيلي رونالدو (15 في أربع نسخ علما أنه لم يلعب في الأولى) والألماني غيرد مولر (14 في نسختين).
في مونديال قطر 2022، عادل الأرجنتيني ليونيل ميسي الذي قاد بلاده إلى المجد رقم فونتين، لكن الأمر استغرق خمس نسخ.
أداء خرافي في 1958
كانت أول مباراة لفرنسا في مونديال 1958 أمام البارغواي في 8 يونيو وحققت خلالها فوزا ساحقًا 7-3، وكان لفونتين حصة الأسد بتسجيله ثلاثة أهداف جعلت بدايته صاروخية في النهائيات بالرغم من أنها كانت مشاركته الخامسة فقط في صفوف منتخب بلاده.
بعد خمسة أيام، التقت فرنسا منتخب يوغوسلافيا القوي، وعلى الرغم من تفوق فونتين في تسجيل هدفين، إلا أن اليوغوسلافيين تمكنوا من تحقيق الفوز 3-2 الذي لم يؤثر على مصير المنتخب الفرنسي في البطولة.
في 15 حزيران/يونيو، تجاوز الفرنسيون الهزيمة وحققوا الفوز على إسكتلندا 2-0 بهدف كل من فونتين وكوبا.
في ربع النهائي، سحقوا إيرلندا الشمالية برباعية نظيفة سجل منها فونتين هدفين، ليتأهلوا إلى نصف النهائي للمرة الأولى في تاريخهم.
كان الخصم هذه المرة منتخب البرازيل الذي تقدم بهدف في الدقيقة الثانية قبل أن يعادل فونتين بعد سبع دقائق فقط.
اضطرت فرنسا لإكمال المباراة بعشرة لاعبين بعد خروج روبير جونكيه بداعي الإصابة بعد مرور نصف ساعة (في تلك الحقبة لم يكن تبديل اللاعبين مسموحا).
استفادت البرازيل وتقدمت 5-1 بفضل ثلاثية “هاتريك” لبيليه قبل أن يضيف روجيه بيانتوني هدفًا ثانيا شرفيا للديوك لتنتهي المباراة بفوز البرازيل 5-2 قبل أن تتوج بالنتيجة ذاتها على حساب السويد في النهائي بلقبها الأول في تاريخها.
وقاد فونتين المنتخب الفرنسي للفوز بالبرونزية بتسجيله أربعة أهداف ضد ألمانيا (6-3) ويتوج بلقب هداف الدورة محققا الإنجاز التاريخي.
بعد المونديال صار فونتين نجم فرنسا، غير أن القدر خبأ له مفاجآت غير سارة، بدأت في 20 مارس 1960 في مباراة ناديه رينس أمام سوشو في الدوري حين تعرض لكسر مزدوج في الساق عندما اصطدم بالمدافع العاجي سيكو توريه.
وبإرادة فولاذية حاول فونتين العودة إلى الملاعب وتمكن من المشاركة في مباراة فرنسا أمام بلغاريا في 11 ديسمبر 1960 ضمن تصفيات مونديال 1962، كانت الأخيرة له دوليا.
وبعد موسمين عانى خلالهما من الإصابات، استسلم فونتين في 1962 واعتزل اللعب عن 28 عاما فقط ليتوجه بعدها للتدريب. أولا كمدرب مع باريس سان جرمان وتولوز، قبل أن ينهي مسيرته بالإشراف على أسود الأطلس بين عامي 1979 و1981، وقيادتهم للمركز الثالث في كأس الأمم الأفريقية عام 1980.
فؤاد حسن / فرانس24