لا أدري ماذا قد غير لدي لهفتي على الاحتفال بالمناسبات الجميلة، أو إحياء ذكرى حزينة ، شيء ما قد جعلني لا أكترث كثيرا للأمر، وكأنه لا يعنيني .
أن تتحول إلى كومة من اللامبالاة المعقلنة، والمرصودة بكل قصدية، يجعل منك كائنا فقط ، وينفض عنك كل ما قد كان منك بوصفك ذاتا، أفيعني هذا أنك غادرت عالم الذوات الانسانية ، واتخدت لك مسكنا عالما ٱخر؟
ربما ،لكن ، أنا هنا لا أسير موزعة الخطى والفكر ، مشتتة المعالم، أدرك جيدا أنني أنا من يعلن ذلك ؟, وإنني أنا بكامل قواي العقلية والنفسية ،أادرك تمام الادراك أنني توقفت عن الشعور والانسياب في شرنقة ذات ، وأن أكف عن ذلك ، وأكتفي بوجودي كباقي مكونات هذا الوجود الأخرى ، متخلصة من كل الثقل الذي تقحمك فيه تجربتك وأنت ذات ( تفكر ، تحس ، ترغب ، تقلق، تطمح ، تسكن، تثور، ثتق، تغضب ، تأمل ، …).
ـ يكفي أن تستيقظ ذات صباح ، وتحرك داخلك الزر الرمادي .
ـ ربما قد تسالني ، وأين يوجد ياترى ؟
ـ اسعفينا به يا أنت من تحولت إلى مجرد كائن.
طبعا لازال لدي بعض من مذخرات الذات ، ولا زلت أحتفظ ببعض من كرمي الانساني، ساعتها سأخبرك أنه يوجد في أعلى، في مؤخرة رأسك ،قد أكون غير مجيدة لتعيينه بالضبط ، أقصد لتعيين مكانه ، لكنه ، حتما يوجد هناك ، جرب( جربي )، ها أنت قد أفلحت ، عليك أن تديره يسارا، دائما يسارا، تبث تركيزك على أن ما أنت مقدم عليه ، ستكون له نتائج ، قد لا ترضاها فيما بعد ، إذا أنت لم تكن قد أفلحت في أن تتعاقد مع نفسك ، بأنك مقبل على وجود ٱخر ، لا يشاركك فيه الٱخرون ، ربما ، وجود فيه سوف تلغي فيه كل شعور ، وإحساس كنت قد تعودت عليه فيما قبل، لا تنزعج ، لن تتحول إلى آلة ، لا ، ولا إلى ميت طبعا ، لا مادمت أنك فعلا تعيش لحظات موتك وانت تعتقد أنك حي ، وسوف تدرك أنه كان مجرد التباس قد وقعت فيه ، لا لن تصبح إلا ما كان يجب أن تكون .
قد يبدو حديثي ، ضربا من الحمق ،أاو من الهراء ، لكن ، صدقني ، هذه هي الحقيقة ، سوف تدرك أن هذه الحالة التي أصبحت عليها، هي ما سوف يجعل منك كائنا سعيدا. .
ٱسفة لأنني اضطررت للاحتفاظ بهذا المفهوم الذي تعودت أن تستعمله وأنت ذات ، لكنني فقط استعرته ، لأجعلك تدرك ما أبغي إبلاغك إياه .
هو محسوب على عالم الذوات ، رغم أنه غريب فيه ولا يجد معناه الحقيقي هناك .
ستكون “سعيدا “في ظل كينونة أشبه بكيونة الاشياء ، وأنت لا تقلق على مصيرك وأهلك وقومك ، والعالم الأخرق الذي أنت جزء منه، لن تقلق بعد الآن على مصير أبنائك وحفدتك وأشباههم /ن، وهم يخطون خطواتهم /ن ، في عالم ضج بالعنف، والفقر ، والظلم وكل أشكال الموت، لن تقلق بعد اليوم إن أنت تذكرت غياب أمك عن البيت إلى الأبد ، أو لحقك حنين لقبلاتها ودعواتها ، ولا لصورة أبيك الأبي، وطعم رجولته ، ولا لأخيك الحنون ، الجميل ، ولا لكل من شاركوك وجودك الفائت ممن أحببت ، كل من ساروا معك درب الحياة، أخلصوا أو يخلصوا لك ، حتى لأبنائك وأنت تحمل إليهن /من الشوق والحب الشيء الكثير، ولا أشياؤك التي شغفت بها ، ولا حتى إسمك إن أردت .
كل هواجسك التي ترعبك من الداخل ، وتجعلك تضع يديك على صدرك كي تكثم مخاوفك، انتظاراتك، إحباطاتك، حتى لهتك المستمر وراء أي شيء ، كل شيء، سيتوقف، لأنك ستصبح سيد نفسك فعليا ، ولن تدع العالم بمكوناته الفالتة منك ومن بين يديك، تصبح شغلك الشاغل، بعد ضغطك على الزر السر.
لاشيء من كل هذا سيكون بعد اليوم مصدر إزعاجك، هي سكينة من نوع جديد، عليك أن تغنم فرصة الفوز العظيم بها ، وإلا كنت من الخاسرين.
فريدة بوفتاس 2022/05/28
* كاتبة رأي من أسرة تحرير كش بريس