كثيرا ما يتردد على مسامعنا ،هذا القول المأثور ،وراء كل عظيم امرأة .
رددناه أيضا ، مع الجميع ( كقطيع )، منذ الصغر ، رددناه كغيره من الأقوال ، التي شحننا بها عبر التنشئة الاجتماعية التي تلقيناها ، والتي كنا نتداولها بيننا ،دون أن نخضعها للتأمل وللسؤال،لكن،مع مرور الزمن ،وتراكم الخبرات لدينا جميعا ،قد يحدث أن نقوم بتفتيت هذه الاقوال المحنطة ،ونكشف عن قصور صحتها وصدقها ،او لنقل ،نبين عن خلفياتها المتوارية عن أذهان تظل تحفظ لها مقاما عاليا، ضمن ما تؤمن به ، وتحسب أنه يتعالى عن كل شك ونقد .
ورجوعا إلى القول السابق الذكر ، فقد تبين لي أن صدقه وصلاحيته ،محدودان بحدود تصورنا لعلاقة كل من الرجل والمرأة ، وأيضا لهوية كليهما .
فالقول أعتبره صادقا ، حين يتعلق الأمر بالمرأة ان كانت أما ، تمنح كل غال ونفيس لأبنائها ( صحتها وعافيتها ،مالها ،اهتمامها …)، وهذا يكون عن طيب خاطر ،بل تتمنى ان تمنحهن العمر أيضا ،هو عطاء لا محدود تحركه مشاعر الأمومة الفياضة ،التي تتدفق بسخاء ، فكل ما تطلبه الام هنا هو ان تحقق ٱمالها العريضة مع كل نجاح يبلغه الأبناء ، لتعتبره وساما حقيقيا يلغي كل متاعبها وتضحياتها ، ويشعرها بالفخر .
لكن ، ان يتم القول بأن المرأة “المثال”، هي تلك التي كانت وراء نجاح زوجها ، وهي التي هيأت له كل الظروف المواتية ، كي يبرز ك”رجل عظيم “، فهذا أمر يخفي من المغالطات الشيئ الكثير ،حتى وإن أحب البعض إنكاره .
المرأة هاته التي “تقلصت”وتراجعت “وضحت “…،من أجل أن “توفر كل الظروف المواتية “لشريكها في الحياة ،كي يبرز نجمه ،وينطفئ نجمها هي ، ولتأخد بعده مراتب متأخرة ،أحيانا قد تتحول الى سبة في حقها ،بل ذريعة للانفصال عنها بحجة تباعد المستويات ،ما دام هناك من حقق ” الارتقاء ” وهناك من لم “يرتق،” هذا التفاوت الذي دفعت فيه المرأة أحيانا العمر كله.
وقد تتقمص هي الاخرى احيانا دور الواهبة السعيدة ،فنجاح الزوج هو نجاحها ،ووو
أي تماه مشوه هذا ؟
أي فقدان للقدرة على ايقاف مسلسل الاستعباد الملفوف في أقوال تؤسس لدونية المرأة وتحولها الى “أمة ” ليس إلا .
هذه الدونية التي نجد بعض النساء يعبرن بمضاضة عنها ،ويخفين تعاستهن ،ووضعهن غير الانساني هذا ،حتى يحفظن ما وجه الزوج أمام الآخرين ، وضع مقيت ، وأدوار بئيسة يلعبها كلاهما ، إرضاء لنزوات ، أو مصالح او احيانا خوفا من أحكام الغير .
أي واقع فاسد هذا الذي تحياه بعض النساء ،وهن يحرمن من فرصة تأكيد ذواتهن ، وتحقيق عظمتهن أيضا ، والخروج من تحت جلباب ” المرأة الطيعة ” المرأة كنموذج العطاء الأسري”…
أي تخلف هذا الذي نرعاه باسم أخلاق الكرم وحسن التربية ؟
أما ٱن الأوان ، ونحن في عالم يتحول باستمرار ، ويتقدم ، أن نتوقف عن ترديد مثل هذه الترهات التي سئمناها ، ونتوقف عن نشر مثل هذه التمثلات الموبوءة ، وأن نفعل بكل مسؤولية شعارات نحملها ، ومطالب ندافع عنها ،وعلى رأسها المساواة والانصاف…
الانصاف الحقيقي ، سيتحقق عندما ينجح الأفراد المجتمعيون ، في القطع مع كل الممارسات الحاطة من المرأة ، والمبيحة لاستغلالها، في كل الاحوال والظروف ، وتحت كل الاسماء . وأن تمنح لها أيضا كل الفرص لكي تخرج من دائرة الاستكانة ، والتبعية القاتلة ، وطبعا، هذا يتوقف على وعيها بأنها لم توجد في هذا العالم لتكون مجرد تابع ، أو رافعة لكل من يحلم يوما أن يكون “عظيما ” على حسابها.