الزوبعة المقامة بسبب عبارات الحب في منتوج تجاري تدل على مرض اجتماعي وعلى تخلف الوعي الإنساني والجمالي للفئات المؤطرة في نزعة لا نقول محافظة، بل منافقة، وهي نزعة تقوم بالتنفير من كل ما هو جميل على أنه “رذيلة”، وتمجد القبح والمشاعر السلبية والأقنعة الاجتماعية التي تكرس التواطؤ على الرياء الجماعي، لأن حياة المغاربة في حقيقتها مخالفة تماما لما يتلفظ به الناس ويقولونه.
فالذين يعلنون المواقف المتشنجة في شبكات التواصل الاجتماعي يتصرفون في سلوكهم الواقعي وحياتهم الخاصة بشكل مخالف، والذي يرفض الحب ويعتبره “رذيلة” و”استفزازا” يعطي نفسه الحق في الحب عند أول فرصة، بل يعطي نفسه الحق في ممارسة الجنس خارج الزواج عند أول مناسبة تسنح له، ثم يقول للمجتمع “الله يعفو علينا”، وهذا معناه أننا في مجتمع صنع الكثير من الطابوهات والمحرمات السطحية التي لا لزوم لها، ثم شرع في الالتفاف عليها ومراوغتها في سلوكه الاجتماعي الواقعي.
وهناك عامل آخر وراء التهجم على عاطفة الحب هو الكبت الجنسي الكبير الذي يعاني منه كثير من المواطنين بسبب التوتر ومنطق الرقابة الذي يسود العلاقات الاجتماعية، وهو كبت يؤدي إلى اعتماد الأفكار المتشددة لمنع الغير من التمتع بحرياته الشخصية، لأن نزعة التشدد والمحافظة مرتبطة في مجتمعنا بنزعة الوصاية على حياة الآخرين.
وهذا كله يؤدي إلى نشر ثقافة العنف المضادة لمبادئ التسامح والعيش المشترك، ويجعل الحياة الاجتماعية جحيما بالنسبة للفرد المواطن، مما يجعل السعادة شيئا مفقودا لأنها تقوم أساسا على الحريات الفردية والحق في اختيار نمط الحياة الشخصية التي لا دخل للآخرين فيها. ولهذا نجد مجتمعات الحرية هي الأكثر سعادة وتسامحا وتعاونا أيضا، بينما نجد المجتمعات المغلقة والمتزمتة هي الأكثر شقاء وتوترا وافتقارا إلى الأخلاق النبيلة وإقبالا على الغش والكراهية والعنف.
إن الحب ليس جريمة ولا استفزازا ولا خدشا لمشاعر أحد، إنه من أنبل العواطف التي عرفتها البشرية عبر تاريخها الطويل، وإن الدعاية للحب أفضل من الدعاية للحرب والانتقام والكراهية.