يُخبرنا موقع التوحيد والإصلاح “أن إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، اتصل هاتفيا بالدكتور طه عبد الرحمن الفيلسوف والمفكر المغربي مطمئناً على صحته إثر وعكة صحية مرّ بها في الآونة الأخيرة، متمنيا له الشفاء التام والمعافاة الدائمة.وعبر هنية عن تقديره للمشروع المعرفي الذي يقوم عليه الدكتور عبد الرحمن ودوره في حفظ الهوية الإسلامية ومواجهة التغريب، واعتزازه بكتابه ثغور المرابطة، وأشاد بمواقفه الداعمة للقضية الفلسطينية والمتضامنة مع المقاومة، وقال إنها من جهاد الكلمة الذي هو توأم الجهاد بالمال والنفس”.
انتهى الخبر كما نقله الموقع. لا دخل لنا في علاقة الناس بعضها ببعض، لكن المكالمة أوحت ببعض الأمور، التي سبق أن تطرقت إليها في مقالات سابقة بخصوص كتاب طه عبد الرحمن “ثغور المرابطة” وموقفه من المقاومة، وجاء اعتزاز هنية بالكتاب ليحيل على خلاصات كتبتها في حينه، حين وقفت على اعتبار الكتاب “مانفستو المقاومة الإخوانية”.
تحدث طه عبد الرحمن في كتاب الثغور عن الاقتتال الداخلي بين المسلمين الذي يحول دون المرابطة المقدسية، مركزا على طرفين بينما الطرف الأكثر تحريضا والراعي لربيع الفوضى والحاضنة الكبرى لتنظيم الإخوان المسلمين رفع من قدره. مقدمة طه لكتاب “الثغور” تشبه بوابات المدينة المغربية، التي تتزين بكافة أنواع الأغراس، ناهيك عن الترتيب الجيد، لكن ما إن تلجها حتى تتعثر في حفرها الكثيرة، وكل مزاعم طه تسقط مباشرة بمجرد الشروع في قراءة المتن، حيث تنتهي قصة الفلسفة إلى حوم حول اللغة، وكأن المرابطة تختزلها، بينما هي الحاجة الكبرى لمن يسند الظهر بكل أنواع أدوات المقاتلة. ولا يمكن بأي حال من الأحوال التغطية على الفعل المقاوم بالفعل اللغوي الخامل.
فطه عبد الرحمن لم يكن في يوم من الأيام في جو المقاومة بكل أشكالها. واختار أن يصدق ما أسبغه عليه الآخرون من ألقاب، وشرع في ترديدها بشكل ببغائي.كتاب الثغور ساوى بين المحور الداعم للإرهاب والمحور الداعم للمقاومة باستثناء الإخوان المسلمين والدولة الراعية لربيع الفوضى، التي طبعت الكتاب من خلال أحد مراكزها. ويقوم طه بتبخيس المقاومة كما لديه فهم خاص لها لا ينسجم إلا مع “الأخونة”.كتاب الثغور هو نسخ لكتاب “المقاومة والحداثة”، الذي سبق أن مدح فيه التيار الذي شن عليه هجوما في كتابه الثاني، وهذه طبيعته في “السير” مع الوقت، فقد سبق له أن مدح أشخاصا وتيارات أخرى كانت هي الطافية على سطح الأحداث.
فبعد انسداد مشروعه لم يبق له إلا الاتكاء على العشيرة السياسية للإخوان، التي تقوم اليوم بالترويج له في مراكزها الدولية والإقليمية وهو منتش بهذه القصة لأنه يلتقي معها في المصدر التاريخي رغم زعمه الانتساب للتصوف في فترات من حياته لكن كتاباته تلتقي مع كتاباتهم في الأصل.فليس مستغربا أن يكون صاحب المكالمة إخوانيا وناقل الخبر كذلك. هو عثر على حاضنة وهم عثروا على “فيلسوف” وإن كان سيزعج وجود بعض قادتهم بعد كتابته لمؤلف حول المقاصد.ليست المرة الأولى التي يصاب طه عبد الرحمن بوعكة صحية، فقد سبق أن أجرى عملية جراحية في الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن لم يتصل به هنية، ولكن اليوم يتم تقديم طه على أنه “فيلسوف المقاومة” ولكن المقاومة لدى فيسلوف التقريب التداولي برسم “الإخوان المسلمين”، وبما أنه انتصر لهذا الخيار في كتاب الثغور فقد وجد وسط الإسلاميين حاضنة بديلة عن حاضنة “طلبة الفلسفة”.