في تجاوز وقح للأعراف والتقاليد الدبلوماسية, سمح ممثل الكيان الصهيوني بالرباط لنفسه بالتطاول على الإعلام المغربي, والمس بمكانة القضية الفلسطينية في وعي ووجدان المغاربة, وبموقعها في السياسة العامة للبلاد, فحسب ما نقلته أسبوعية الأيام من حوار له مع جريدة “جيروزالم بوست”, فقد اتهم” وسائل الإعلام المغربية بنشر تقارير كاذبة ومستفزة تصعب من مهمة تطوير العلاقات المغربية الإسرائيلية” !!, ولتجاوز ذلك, أخبر ” بأن التمثيلية الإسرائيلية تجهز موقعا إلكترونيا لتسهيل التواصل مع المغاربة وتوطيد الثقة معهم ونشر معلومات دقيقة ” !!, وتماديا في دس أنفه في شؤون المغرب الداخلية, اعتبر “أن قضية فلسطين ليست في صلب السياسة العامة داخليا حيث تعطى الأولوية للصحة والتعليم والنمو الاقتصادي أو خارجيا حيث تهيمن قضية الصحراء المغربية” !!
إني إذ أورد هنا هذه التصريحات لممثل دولة الاحتلال بالرباط, فذلك تحت ضغط شعور قوي بما تمثله من إهانة واستفزاز لكل المغاربة على اختلاف تقييماتهم لأداء الإعلام الوطني في قضية فلسطين, وللمواقف المختلفة من عملية التطبيع ودوافعها ومضاعفاتها هنا وهناك.. نعم, من الإهانة ان ينصب ممثل دولة الاحتلال نفسه ” مزودا للمغاربة بالأخبار الدقيقة” عن ما يجري في فلسطين المحتلة, وأن يسمح لها بتقييم أولويات السياسة العامة للبلاد,مدعيا انشغال المغاربة بقضاياهم دون القضية الفلسطينية .., إن هذه التصريحات التي لا تخلو من نبرة وصاية على الإعلام المغربي , وصفاقة في لغة ” تدبير التطبيع” قد تتفاقم بعد استكمال ما سماه ” بإجراءات نقل التمثيلية إلى مستوى سفارة” إذا لم تتم مواجهتها بحزم وصرامة , على الأقل احتراما للأعراف الدبلوماسية. إننا نختلف كمغاربة حول التطبيع , وحول تقييم متابعة إعلامنا لما يجري في ارض فلسطين من جرائم يومية.. ولكننا لن نختلف حول مبدأ وواجب الدفاع عن الكرامة الوطنية لبلدنا الذي ظل, وسيبقى يعتبر القضية الفلسطينية قضية وطنية , و” إسرائيل” دولة محتلة مهما جهز ممثلها ديفيد غوفرين من مواقع إلكترونية ” لتوطيد الثقة مع المغاربة”, كما قال بعنجهية تذكر بسلوك بعض السفارات في لبنان الشقيق . نعم , المغرب بلد مضياف , وبلد التسامح ,كما يحلو لك وللمطبعين التغني بذلك , وقد كان كذلك دائما , قبل النكبة واحتلالكم لفلسطين, وسيبقى, ولكن هو أيضا بلد العزة والكرامة الذي لايرضى عن الحرية والسلام والعدل بديلا , له ولجميع الشعوب المظلومة أوالمغتصب وطنها . أخيرا أتساءل, ما رأي مبرري ومروجي أوهام التطبيع, من إعلاميين وكتبة أعمدة ورأي في هذا الاستفزاز ؟ ألا يحرجكم ؟ ويحرجكم أكثر السكوت عن هذه “اللدغة المؤلمة ” ؟ لكم الكلمة .. ولننتظر ..