تتميز الدول الآسيوية بمبادرات لمحاربة الفقر والأوضاع الاجتماعية للأفراد والأسر متميزة وفعالة وذات أثر اجتماعي إيجابي عام، وهذه المبادرات ليست دائما حكومية وإن كانت الحكومة تستغل فكرتها أو نجاحها لدعمها بشتى الطرق. ولنا في تجربة محمد يونس الخبير الاقتصادي الدولي، الذي كان مستشارا في البنك الدولي، واستقال من هذه الوظيفة بعد أن اتضح له أن نصائح البنك الدولي قد لا تكون ملائمة ومتناسبة مع الظروف الاجتماعية والاقتصادية لبنغلاديش، موطن محمد يونس، الذي أسس بنك القرية، والذي يقدم سلفات بسيطة للنساء خاصة لشراء آلة خياطة أو بقرة أو عنزات وغيرها. وكان لنجاح محمد يونس أثرا هائلا على المجتمع البنغالي، فقد استفادت ملايين النساء من هذه السلفات، وتحولت من بئيسات إلى الأعمال الناجحة. فضلا عن توسع هذا البنك. ونفس التجربة وبشكل مغاير وإن كان الهدف واحدا، ثم تطبيقها في ولاية كشمير الهندية عن طريق البعثة الوطنية لسبل العيش أو مشروع أوميد، فتتفق 10 نساء على فتح حساب يضعن فيه مبلغ بسيط، وتستفيد 3 منهن بدعم أوميد لشراء تجهيز أو شراء أبقار، ويستفيد الباقي من فتح حسابات جديدة وهكذا. وقد عرفت هذه الخطة نجاحات جيدة، خاصة في كشمير الولاية ذات الأغلبية الإسلامية في الهند، خصوصا أنها نقلت عدد لابأس به من المواطنين والمواطنات الذين كانوا يعيشون تحت خط الفقر إلى مستوى اقتصادي واجتماعي أفضل، وكمثال السيدة شاهزاد اختر وهي من جنوب بولواما بنفس الولاية، التي واجهت مشاكل اجتماعية حادة خصوصا مع كونها مسؤولة عن عائلة كبيرة الأفراد: إخوة صغار ووالدين مسنين. استطاعت عن طريق أوميد أن تراكم رأسمال تم دعمه من طرف أوميد، واشترت في البداية بقرة، ثم عدة بقرات، وأصبحت بعد سنوات قليلة تتوفر على مزرعة أبقار وعمال وعاملات من ضمنهم عائلتها، وأصبحت مزودة بالحليب في المنطقة، وكانت البداية بمبلغ لا يتجاوز 25 روبية <يورو = حوالي 100 روبية>. فتطور المبلغ بالجماعة التي كانت تجمع المبالغ في الحساب، وهو مايماثل ما يعرف بالمغرب ب «دارت» ولو بشكل وهدف آخر في أغلب الأحيان، ودائما تردد شاهزاد اختر الآية القرآنية: «بعد العسر يسر». وتؤكد أن مشروعها الناجح لم يؤدي فقط إلى تغيير حياتها إيجابا، بل استفادت منه أسرتها وأناس آخرين كالعاملات والعمال، فقد تحولت من عاملة في حقول التفاح الموسمية التي تتعطل في الشتاء أثناء سقوط الثلوج إلى ربة عمل.
جاء نجاح شاهزاد اختر الكشميرية مع نهضة سياحية هامة تعرفها جامو وكشمير الولاية الهندية ذات الأغلبية الاسلامية وعاصمتها سرنيغار، إذ بعد أزمة كورونا التي أدت إلى توقف عالمي للسياحة شهدت سرينغار زيارات آلاف من السائحين الذين تجذبهم جمالية هذه الولاية الفاتنة، وخاصة بحيرتها –دال– التي تحيط بها الجبال الممتلئة بالثلج شتاءا، وبالخضرة في باقي الفصول، وتتوفر على مركبات وفنادق عائمة وتعتبر المكان المفضل لسكان العاصمة سرينغار حيث تمتلئ بالراجلين خصوصا في المساء، وتحيط بها المطاعم والدكاكين وباعة الصناعات التقليدية، وتعرف بحيرة دال نشاط بيئيا حيث يتم تنقيتها من الشوائب وتجريف الأثربة لتوسيعها أكثر، وهي –بحيرة دال– من أجمل البحيرات على المستوى العالمي، مما سيجعل كشمير الوجهة السياحية الأهم على مستوى السياحة الداخلية والخارجية أيضا، خصوصا مع زوال المخاوف من وباء كورونا المستجد وعودة الحياة الطبيعية للمطارات.
*بــاحــث