رسالة جديدة حملت توقيع الشاعرة والباحثة المراكشية الأستاذة مالكة العاصمي، وجهتها للسيد والي الجهة وعامل مراكش ورئيسة المجلس الجماعي، أشارت فيها إلى سيرورة مدرسة المعرفة في حضارة مراكش وتاريخها.
وأكدت الشاعرة العاصمي، في وثيقتها الممهرة بمداد الغيرة على واقع المدينة الحمراء، والدود على سيرورة حضارتها وكتابها وشخوصها الذين بصموا بأعمالهم الجليلة تاريخ ومآل المدينة وساكنتها، (أكدت) على ضرورة انتشال واقعها من الردة والإتلاف والتردد، منافحة عن أولوياتها لتنمية الإنسان والعمران.
هنا نعرض كامل الرسالة التي تتوفر “كش بريس” على نسخة منها:
رسالة من مالكة العاصمي موجهة إلى سيادة والي مراكش ورئيسة المجلس الجماعي في إطار مشروع مراكش الحاضرة المتجددة.
الثلاثاء 17 ماي 2022
سيادة والي جهة مراكش أسفي المحترم
تحية طيبة وبعد،
وأنتم تنهضون بمهمة جليلة لتطوير هذه المدينة في سياقات مختلفة منها برنامج الحاضرة المتجددة،
يشرفني أن أساهم معكم بملاحظتين ومقترحين أرجو التأمل فيهما بما يستحقانه من عناية:
1 – رغم الأهمية الكبيرة التي لساحة جامع الفناء وأنشطتها ورجالاتها في الإشعاع الثقافي والسياحي لمدينتنا، إلا أن التركيز عليها ومحيطها من الفقراء والبسطاء والأميين، كصورة وحيدة لمراكش، تبخيس للقيمة العظيمة لهذه العاصمة الأمبراطورية العلمية الحضارية المتعددة، ومحو لما نهضت به عبر التاريخ كمركز لدولة عظيمة استقطبت كبار علماء العالم؛ مفكرين وفلاسفة وأطباء ومهندسين وفلكيين وأدباء وفنانين وغيرهم، وخرجت العظماء من جامعاتها العظيمة ومراكزها العلمية طيلة 10 قرون حتى عام الفيل، عندما تعرضت آخر جامعاتها للمحو التام والتجاهل والنسيان.إن حاضرتنا لا يمكن أن تكون متجددة إن لم تجدد هذه الجامعات وتمنحها الحياة التي تستحقها كصورة لمراكش العلم والثقافة والحضارة والفن والبهجة والاقتصاد وخاصيات أخرى كثيرة.
2 – مراكش التي تميزت بين مدن العالم تاريخيا كمدينة الكتبية والكتبيين والكتّاب والكتاب والإنتاج العلمي المعرفي الفني الثقافي، التي تميزت بحي كامل أو مدينة تخصصت في الكتاب والكتبيين وصناعة الكتاب والعلم والفن، وبفضاءات واسعة للكتاب، تحولت في الصورة التي تقدم عنها إلى مدينة تسود فيها الأمية والفقر وما يشكل نقيض حقيقتها كمدينة العلوم والأمجاد والرخاء والحضارة.
إن منارة الكتبية ومدرسة ابن يوسف وسيدي منصور وأمثالهم ليسوا معالم معمارية فحسب، ولكنهم معالم علمية معرفية ثقافية حضارية، معالم أمبراطورية بما يحمله التاريخ الأمبراطوري لهذه المدينة وللمغرب من عظمة وأمجاد علمية وحضارية.
لذلك أولا: إن تجديد هذه الحاضرة يمر حتما عبر إحياء تاريخها العلمي بإحياء جامعاتها العتيدة العريقة، وعلى الأقل جامعة ابن يوسف التي صمدت 10 قرون وتعرضت للمحو والنسيان رغم كونها ملكا للإنسانية وليس لمدينة مراكش أو لتاريخ المغرب وحدهما.
وثانيا: ويمر ثانيا عبر نشر الكتاب المستعمل والجديد في ساحات المدينة ومفاصلها الحيوية كما كان من قبل، بدءا بساحة جامع الفناء وباقي التوسعات العمرانية، وتنظيم عرضه وتسويقه وإبرازه وقراءته وإقرائه، وعبر إحياء وتنشيط المكتبات ذات التاريخ العريق التي عرفت بها مراكش كالخزانة البلدية وخزانة جامعة ابن يوسف… وجعل مراكش كما كانت عاصمة الكتاب في العالم.
ملحوظة: نسخة موجهة بإذنكم إلى السيدة رئيسة المجلس الجماعي لمراكش المحترمة.
مالكة العاصمي