(كش بريس/ياسين غلمان) ـ احتضن منتجع جنان فايزة بمراكش، أول أمس الثلاثاء، ندوة موسومة ب” دور الجماعات الترابية في ترسيخ الديمقراطية وتحقيق التنمية”، بتنظيم من الكتابة الإقليمية للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بمراكش ، حيث شارك في إغناء جلساتها باحثون وخبراء وفاعلون سياسيون ومستشارون جماعيون.
في الكلمة الافتتاحية أكد الأستاذ عندليب عبد الحق الكاتب الإقليمي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، على أن الجماعات الترابية تضطلع بدور فاعل وأساسي كنواة للبناء المؤسساتي الذي يعتمد على خيار الديمقراطية التشاركية في تدبير الشأن المحلي، مبرزا أن الحزب لن يدخر جهدا في القيام بدوره في تحمل المسؤوليات من خلال معارضة بناءة ومسؤولة تقترح وفقا لدورها في تقييم السياسات العمومية لتصورات وبدائل كفيلة بالخروج من الأزمات المتتالية التي تعصف بالقدرة المعيشية للمواطن، بداية من أزمة كوفيد وصولا لأزمة غلاء الأسعار وضرب القدرة الشرائية للمواطن والتسيير العشوائي والفساد الذي يعتري تسير الجماعات الترابية.
في ذات السياق، جاءت قراءة الدكتور محمد الغالي عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بقلعة السراغنة والعنونة ب ” القوانين المنظمة للجماعات الترابية: المكتسبات والنواقص” محفزة للمفهومية الأكاديمية وقواعد العلم السياسي، حيث أوضح أن الديمقراطية تعكس رهان حقوق المعارضة وحقوق الفئات الأخرى التي لا تتقاسم مع الأغلبية نفس التوجه، باعتبارها تتضمن حمولات متعددة وتتنازع فيها المصالح. مضيفا أن الشأن التدبيري يشهد فيها للأسف الشديد تعسفا في استعمال الحق، ما يطرح تساؤلا جوهريا حول الإفلات من العقاب حال وجود شبهة فساد.
كما أكد الدكتور الغالي على أن الأحزاب السياسية المغربية يجب أن تتحمل مسؤولياتها في توزيع التزكيات، وفي التزام المنتخب بتأدية الدور المنوط به وفق الدستور والقوانين التنظيمية للجماعات الترابية.
وخلص الغالي إلى القول “بأن الديمقراطية ليست إجراءات ومساطر، بل كذلك ثقافة وتربية ومواطنة ومسؤولية اتجاه القوانين المعمول بها”.
أما الأستاذ عبد الغني وافق البرلماني السابق ورئيس جماعة سابق فكانت مداخلته التي تطرق فيها ” لمفهوم المقاربة التشاركية في تدبير الشأن المحلية” فقد كانت غنية بالحديث عن الترسانة القانونية المهمة للديمقراطية التشاركية التي يتوفر عليها بلدنا، سواء على مستوى الدستور أو القوانين التنظيمية التي تتيح للمواطنين وجمعيات المجتمع المدني الانخراط الفاعل في المشاركة في صناعة القرار ، سواء تعلق الأمر بالمستوى الترابي أو الوطني وساء تعلق الأمر بالمستوى الشريعي أو التدبيري.
فالديمقراطية التشاركية يؤكد الأستاذ وافق تدعو لعدم احتكار السلط بيد المجالس ومشاركة تدبير القرار المحلي مع كل الفعاليات الجمعوية والنقابية والمهنية. مشددا على أن المجتمع المدني والهيئات الجمعوية مطالبة بتفعيل الأدوار المنوطة بها دستوريا وقانونيا، حتى يتم فضح الاختلالات وتوجيه المجالس عير المقاربة التشاركية لطريقة تنزيل المشاريع عبر إشراك الساكنة في كل مراحل المشاريع وتتبع وتقييم السياسات العمومية.
وأماط الأستاذ لحسن حبيبو اللثام عن الأدوار الكبرى، التي تضطلع بها منظومة الأقاليم، وذلك في إطار التقسيمات الجديدة للجماعات الترابية، باعتبارها نسيجا مجاليا متكاملا، بالإضافة إلى مفهوم وحدة المدينة والجماعات الترابية التجربة الفريدة والنوعية.
وتساءل ذات المتحدث: هل تجيب المخططات عن حاجيات المواطنين ومتطلباتهم؟ في حين صار المنتخب الجماعي “صورة نمطية” بسبب ما وصفه ب”العزوف السياسي” حيث أن عدم التواصل الإيجابي بين المنتخب والمواطن جعل هوة الثقة تتسع شيئا فشيئا، وبالتالي يضيف حبيبو، فالمخططات التنموية يجب وبالضرورة أن تستجيب لانتظارات ومطالب الساكنة، وإلا فما الغرض منها؟ ومن تم فمراكش، يختم الفاعل الجماعي، تحتاج لبذل المزيد من الجهود حتى تكون قطبا جاذبا للسياحة التراثية والثقافية والفنية والمعرفية وليس الاستهلاكية فقط.
أما الأستاذ محمد أمين مكمان المهندس المعماري والأستاذ الباحث، فقد تطرق للتنمية الترابية من المنظور الاشتراكي والذي يتمثل في أنه هناك فرق شاسع وكبير بين الحداثة المستوردة والحداثة التي يجب أن يتم اعتمادها في البلد باعتبار الخصوصيات والخلفيات التي تميز بلدانا عن أخرى، داعيا إلى العمل على تجاوز الاقتصاد الفلاحي التقليدي إلى الاقتصاد المهيكل الحديث، والذي يعتمد بالأساس على المكننة ويخدم الاقتصاد الوطني عبر الاستثمار في الإنسان والعمل على إنتاج الثروة الوطنية باعتماد الخصخصة لتحقيق الوفرة، وبالتالي تحقيق الاكتفاء الذاتي والقطع مع التبعية.
وفي الجلسة الثانية تدخل الأستاذ عزيز حيكان المستشار الجماعي بمقاطعة المنارة ورئيس لجنة المالية والشؤون الاقتصادية بمقاطعة المنارة، حيث أكد على أن حزب الاتحاد الاشتراكي يمارس دوره في تدبير الشأن المحلي من خلال تبيان الاختلالات التي تعتري الشأن العمومي، في محاولة جدية لتقويمها قدر المستطاع في مجموعة من الجماعات الترابية.
وقال المتدخل، أن مجلس مقاطعة المنارة على سبيل المثال يعاني من جملة من المستويات، كتدبير الأزبال وضعف المتنفسات للساكنة وانتشار الزحف العمراني على حساب المناطق الخضراء، خصوصا في منطقة المحاميد. مبرزا في السياق ذاته، أن تصور الاتحاد الاشتراكي يبقى تقويميا، خصوصا وأن الحزب لا يشارك في تدبير المجالس، ولكن هذا لايمنع من ممارسة المعارضة البناءة التي من الممكن أن تشارك في صناعة القرار المحلي، إذا ما كان بطبيعة الحال استجابة للمجلس المسير لاقتراحات المعرضة، بعيدا عن الصراعات السياسيوية الحزبية الضيقة مع وضع الصالح العام فوق كل اعتبار، يصرح المتحدث دائما.
الأستاذ مولاي يوسف مسكين المستشار الجماعي بجماعة تسلطانت، فأكد على أن حزب الاتحاد الاشتراكي بجماعة تسلطانت يمارس من موقعه المعارضة الهادفة والتصحيحية للقرارات التي يراها الحزب ومن خلاله المستشار مسكين أنها قرارات ارتجالية وغير موضوعية، وتتضمن هدرا للمال العام. وقرارات من شأنها أن تضعف مكتسبات الساكنة التي تم التأسيس لها من طرف المجالس السابقة، وبالتالي فدور المنتخب في المعارضة يضيف مسكين، لا يثنيه عن التواصل مع الساكنة والاستماع لمعاناتها اليومية من إضاءة وجمع للأزبال وغير ذلك من خدمات القرب.
وبالتالي، يشدد المتحدث ذاته، على أن الحزب مطالب باستقطاب الشباب والكفاءات وكل من له غيرة على تسير الشأن المحلي، سواء تعلق الأمر بالانخراط في التسيير أو المعارضة فالمهم هو الانخراط الفعلي في السياسة وعدم ترك المجال السياسي لكل من هب ودب.
ليختتم الأستاذ المهدي الطايف المستشار بالمنابهة جماعة حربيل بسرده لمجموعة من التوصيات التي من خلالها طالب الجهات الوصية بالتدخل العاجل لوضع حل للأراضي السلالية وأراضي الدولة، وذلك من أجل تشجيع الاستثمار وإزالة العراقيل التي تتعلق بوثائق التعمير، والتي تفوت على هذه المناطق فرصا مهمة للاستثمار الوطني والأجنبي.
هذا واختتمت فعاليات الندوة في جو من التفاؤل، بعد فتح نقاش ديمقراطي فاعل، وتم تاليا رفع توصيات بخصوص المواضيع المثارة للنقاش للمكتب السياسي و لأعضاء البرلمان عن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية حتى يتم الترافع عليها مستقبلا.