أعلن اتحاد كتاب المغرب، إدانته الشديدة للتوصية الصادرة عن البرلمان الأوربي ضد المغرب، وضد سيادته الوطنية، تحت ذريعة حماية حرية الرأي والتعبير، في وقت يدرك فيه الجميع الخلفيات والأبعاد الحقيقية لهذه المواقف المرفوضة، لاسيما في ظل التطورات الإقليمية التي بات فيها للمغرب دور ريادي، مع مواصلة دوره المشهود له به في الدفاع عن الأمن والاستقرار بالمنطقة، ومحاربة الإرهاب والهجرة السرية والاتجار بالبشر والجريمة المنظمة، بما يعزز الأمن القومي لجيراننا الأوربيين؛
وأبرز بلاغ للاتحاد، توصلنا بنظير منه، أن الهيئة الثقافية تابعت “بقلق واهتمام بالغين، المواقف العدوانية الأخيرة الصادرة عن البرلمان الأوربي، بتاريخ 19 يناير 2023، بشأن وضعية حقوق الإنسان وحرية الصحافة بالمغرب، كما تابع مجمل التداعيات والمواقف الوطنية والعربية والدولية الرافضة لتوصية البرلمان الأوربي والمنددة بها”.
وأضاف ذات المصدر، أنه “وبعد وقوف اتحاد كتاب المغرب على المغالطات والادعاءات المغرضة التي تضمنتها التوصية المذكورة، وسعي بعض الأطراف المعادية لاستقرار بلدنا ولوحدته الوطنية والترابية، على توظيف تلك الادعاءات للمس بسمعة المغرب، والتشكيك في مساره الديمقراطي، وفي اختياراته المبدئية الحاسمة، في مجال تدعيم حقوق الإنسان، كما هي متعارف عليها دوليا، وإعمالها في سياساته الوطنية، فقد بدا للاتحاد أنه من الواضح أن القوى المتحكمة في البرلمان الأوربي، تسعى، عبر هذه المواقف العدوانية المفضوحة، إلى التأثير على المغرب، وعلى استقلالية قراره الوطني، بخصوص قضايا استراتيجية ومصيرية حاسمة، متجاهلة بذلك، وبشكل غير مفهوم، التقدم الكبير والتطور الحثيث اللذين حققهما المغرب خلال العقود الأخيرة، على صعيد ترسيخ الديمقراطية، وإنجاز الإصلاحات التنموية والسياسية، لاسيما في مجال تعزيز دولة المؤسسات، وصيانة استقلال القضاء، واعتماد المقاربة التشاركية في تدبير شؤون البلاد، وتوسيع مجال الحريات الجماعية والفردية، بما فيها حرية الرأي والتعبير والصحافة…”.
وقال البلاغ، “ولعل أكبر دليل على إرادة المغرب في السير قدما على طريق تعزيز دينامية حقوق الإنسان، الشجاعة الكبيرة التي دبرت بها بلادنا، دولة وأحزابا سياسية ومجتمعا مدنيا وفاعلين حقوقيين، ملف المصالحة الوطنية التاريخية، والمكاسب الحقوقية الكبرى، ما جنب بلادنا السقوط في براثن اللاستقرار والفوضى والتوترات المزمنة”.
متابعا “ومن بين الأدلة القوية على إرادة بلادنا في التقدم، على طريق البناء الديمقراطي وترسيخ دولة المؤسسات، التدبير الحكيم والاستثنائي، وبكل جرأة وثقة ويقظة وإرادة والتزام وطني، للحظة الحراك العربي وتداعياته على المغرب، مغلبة بذلك المصالح العليا للدولة والمجتمع، مع ما ترتب عن هذا التدبير الديمقراطي الحكيم من توافقات وطنية كبرى، نجم عنها تحقيق إصلاحات دستورية وسياسية عميقة، ساهمت في توطيد أسس النموذج الديمقراطي والتنموي المتميز ببلادنا”.
وأكد اتحاد كتاب المغرب، على أنه “كما عملت بلادنا، وبشهادة منظمات دولية وغير حكومية، على ترجمة إيمانها العميق وتشبثها الراسخ بمبادئ الحرية وقيمها، من خلال حرصها على تدعيم قيم الانفتاح والتسامح والتعدد، وتكريسها دستوريا، سواء فيما يتعلق بالطابع التعددي والمتنوع للهوية المغربية، أو توسيع مجال الحريات الجماعية والفردية، وتعزيز حقوق المرأة، أو فيما يتعلق بتعزيز التعددية الحقيقية والخلاقة، على صعيد الأحزاب الوطنية ومنظمات المجتمع المدني والإعلام بمختلف مكوناته”.
وإذ يعبر اتحاد كتاب المغرب عن إدانته الشديدة ورفضه التام للادعاءات المغرضة والمسيئة لبلادنا التي تضمنتها توصية البرلمان الأوربي، يبرز البلاغ، “فإنه يدين، في الوقت نفسه، ازدواجية المواقف التي تجسدها هذه المؤسسة البرلمانية، في تعاملها مع قضايا حقوق الإنسان، وتخليها عن اعتماد مقاربة شمولية ومنسجمة وموضوعية في هذا الشأن، وهذا ما يظهر، بشكل مكشوف، في سكوتها غير المبرر عن مختلف أشكال التشريعات والسياسات والممارسات المنتهكة لحقوق الإنسان في بعض البلدان الأوربية، التي تعرف صعودا وتناميا خطيرين للأفكار وللممارسات العنصرية والاستئصالية التي يحضنها اليمين المتطرف، والتي باتت تؤثر بشكل خطير على قضايا حقوق الإنسان بهذه البلدان، لاسيما على قضية اللاجئين، ضحايا النزاعات المسلحة، والمهاجرين، ناهيك عن عدم اتخاذ البرلمان الأوربي لقرارات ولمواقف حازمة ضد انتهاك حرية المعتقد، خاصة بالنسبة لمعتنقي الديانة الإسلامية، سواء كانوا مواطنين أوربيين أو مقيمين من مختلف الأجناس والانتماءات العرقية والثقافية. وكل ذلك، في مقابل تمادي بعض الأطراف المؤثرة في بلدان أوربية على توظيف قضية حماية حقوق الإنسان والدفاع عنها بشكل مغرض ومُسيّس، بما يخدم مصالحها وأطماعها الاقتصادية والجيوسياسية”.
هذا وثمن الاتحاد “مواقف البرلمانيين الأوربيين وتنويهه بها، ممن تصدوا لتلك التوصية وصوتوا ضدها، من منطلق اقتناعهم الراسخ بأن المغرب اختار طريق الديمقراطية وتدعيم حقوق الإنسان، بشكل لا رجعة فيه”؛ مؤكدا “على حق بلادنا المطلق في تنويع شراكاتها الاقتصادية والاستراتيجية، بما يخدم المصالح العليا للوطن وللمواطنين، وعلى حقها المشروع في حماية استقلالية قرارها الوطني وصونه، في كل ما يتعلق بقضاياها الداخلية، والقضايا الدولية والإقليمية المصيرية”؛
وأكد بلاغ الاتحاد “على ضرورة مضاعفة الجهود الحكومية والوطنية، بهدف المضي قدما على طريق ترسيخ النموذج التنموي والديمقراطي المغربي، عبر مواصلة تعزيز حقوق الإنسان الجماعية والفردية، وتدعيم العدالة الاجتماعية والمجالية، فضلا عن مواصلة الإصلاحات الضرورية على كافة المستويات، باعتبارها صمام الأمان لقطع الطريق على أعداء المغرب، وعلى جميع المتربصين بسيادته واستقراره وازدهاره”؛
كما عزم اتحاد كتاب المغرب، يضيف المصدر ذاته، “في إطار العلاقات التي تربطه بمنظمات واتحادات ثقافية دولية مماثلة، مباشرة اتصالاته مع هذه المكونات، بهدف توضيح الخلفيات المتحكمة وراء صدور توصية البرلمان الأوربي، في هذا الظرف بالذات، وتنوير مسؤوليها، ومدهم بالمعطيات اللازمة والحقائق الملموسة، المرتبطة بوضعية حقوق الإنسان ببلادنا، لاسيما ما يتعلق منها بحرية التعبير والنشر والكتابة والإبداع”؛
داعيا في ختام بلاغه، “إلى تقوية الجبهة الوطنية الداخلية وتحصينها، عبر تعميق مسار البناء الديمقراطي والتنموي ببلادنا، وفي هذا الإطار يؤكد الاتحاد عزمه على تأسيس “جبهة ثقافية لنصرة قضية الصحراء المغربية” في الأجل المنظور، تزامنا مع تنظيم المؤتمر المقبل لاتحاد كتاب المغرب”.