فجأة، رأيتُ النفري في قماط سباحة. وفجأة، أوقفني أمام الحوض المستطيل وقال لي: هنا حياة أخرى. حياة مزدوجة. لأنكَ فيها تعيش. حياتكَ مسْبحُ ليلٍ موبوء. ليل تسكنه ليمونة لوركا الحامضة. حياتكَ حوار. أو غباوة إعلامية. إنها تطفو فيكَ عجيبةً، شنيعةً لأنها تَحُولُ دون التمسك بِبنْيَةٍ غزلية. حتى كافكا أو ياسر عرفات لم يكونا على موعد مع حياتكََ. وعلى نحو مختلف، قلَّما، تسمو لتقاوم في قفة الجاهز. بريق الحياة ( عموما ) ينعقد متحفِّزا إلى كل كائن غائم. ومن الممكن أنكَ وفي مسعاك، تستشف قيافة نهارٍ نصفه حرب إبادة، ونصفه الآخر من طين أندلسي. ثم، في إطلاق متوتر، حياتكَ، دائما، تشبه مجالات ماء رمزية حيث لا نجد، وفي أقصى البعيد، إلا فتاتَ مستقبلٍ ثقيلَ الظل. الكتابة فعلا فتات. وتمتمة محتملة.
هكذا، تراجع النفري وهو يمتطي دراجة السوليكس. النفري يوجد لأنني موجود. ثم ودّعني بشكل مغلوط. وبقيتُ في نفس المكان بدون مستقبل أو قلب. لذلك، كانت مريم الحقول هنا أو هناك! وبالقرب من سماء بابونجٍ، تأملتُ كفي ورسمت زهرة الثالوث على ورق مقوى. لكنه غادرني في رواية عجفاء. غادرني وهو يطفو. غادرني لأنني مشروعّ جثثٍ سهلة. ثم ماذا لو كان النفري جملة اسمية أو فعلية؟ السبيبة بُقْياِ، فقط. تَجَاوُرٌ. مطرقة خشبية. ثم في الحائط، سماء مرهونة عقاريا، تتكوم في سلسلة إقليمية بحجم ملاط. لكنه، واصل هجرته في مواقفه. هذه المرة، أزاح عنه قماط السباحة وهو يخاطب ظلال الكتابة في طرس من العصر الحجري. أتذكر يعقوب في حانة الروائيين. كان واقفا بين جبليْن صغيرين ويرتل موته في حنجرة تتهيَّبُ. وفجأة، النفري أغلق عينيه على العالم. ليكون الارتباك في متناول الجميع. وليس للجميع. فهو ليس كالملوك الذين لا يحبون الزاول عن مُلْكِهم. لذلك، كان من المستحيل أن يكتب رواية. لم يقرأ خطوط الطول والعرض للسرديات. كان يخجل من ذلك لأنه واقف في مشارطة لا تتكرر. مساح أراضي. عَارِفٌ في ثقب الفظ المذهل. حياتي معه فراشُ وقتٍ. رقص غامض. أو بطن ينتقل عن بطن المترفين. حياتي معه، حكومة صبر في شيء فقد لسانه. حازوقة يأس ليس إلا. وعلى طريقة المعتزلة، اعتزل علم الكلام في ثانية. والنَّفَس والطَّبْع، نادرا، إلى العقل الذي لا قلب له. لذلك، أدعوكم بالقساوة، بفرح أعرج، حتى أتقدم مع النفري في مناخٍ جفت أرصاده. ” حيث الجيم جنة ” وجحيم.
هنا، تأرجحتُ مع النفري في فقاعة تعتبر نفسها حيوانا حديثا. ثم الرقص في بركان. وراء الباب، ظِلُّه زهرَةُ أعضاء تستحق حياة بيضاء. وفي الغرفة سيد مبني للمجهول. يتراوح بين السطور، عكسا وطردا. كان النفري طيبا حين اقترح عليَّ ربيعَ مسرحٍ ومسْربَ ملحٍ. مجرد عبقرية تقف جدارةً عفويةً. أحيانا، أتخيل النفري وكأنه معلومات يجمعها طبيب وثنيٌّ. حينها، قررتُ أن أكتب النفري حصةً وقسمةَ أصول. أكتبه وأنا تحويطة حب يفكر في تبذيرٍ أخطأناه. وحصتي معه ذهب ميزان ينحني تحت عهد قبلات من رصاص وعُلَّيْقٍ.
النفري عَرْبَدَة استشهادات !( … ).
لقد غادر متحف اللوفر أو زاوية متعصبة في جنوب العين. ضفيرته لا تشبه ضفيرة بودلير. النفري لم يعرف باريس أو الدار البيضاء. وحسنا فعل، لأنه مدعوك بمنمنمات الواسطي. مصقول بجاهلية رقص لا قافية له وفيه.وفجأة، لم أر قط قبره، ولا وجهه، اللهم وجه بضائعه اللغوية: كما لو سيدة تؤسس كَمَنْجَةً صوفيةً في جبال الأَلْب. ثم غادرني مرة أخرى كي لا يعود.
النفري عربدة شخصيات في هيأة دخان أو سخامٍ، ( … ).