(كش بريس/خاص) ـ على إثر الاضطرابات الخطيرة التي تشهدها فرنسا، على خلفية مقتل القاصر نائل (17 عاما)، وهو من أصل جزائري مغربي، برصاص شرطي خلال تدقيق مروري الثلاثاء الماضي في نانتير بضواحي باريس. وتداعياتها بعد انتشار أعمال العنف، في مدن عديدة أُضرمت خلالها النيران في بعض المباني والسيارات بالإضافة إلى نهب بعض المحال، توجد فرنسا ورئيسها إيمانويل ماكرون في أكبر أزمة منذ احتجاجات السترات الصفراء التي اندلعت في 2018.
وأرخت الاضطرابات الأخيرة بظلالها على واقع سياسي واقتصادي واجتماعي ينذر بعواقب غير متوقعة على المستعمر القديم، وهو ما تؤكده البيانات الصادرة عن المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية، حيث شهد الناتج المحلي الإجمالي لفرنسا ارتفاعًا بنسبة 0.2% في الربع الأول من عام 2023، وذلك بعد استقراره في الربع الأخير من العام الماضي.
ويُعزى هذا التحسن جزئيًا، حسب نفس المصدر، إلى انتعاش استهلاك الأسر، الذي استقر بعد أن انخفض بنسبة 1% في الربع السابق.
وقد ساهمت البيانات التجارية الإيجابية في هذا النمو، إذ انخفضت الواردات بنسبة 0.6% بعد أن ارتفعت بنسبة 0.1% في الربع السابق، بينما ارتفعت الصادرات بنسبة 1.1% مقارنة بنمو قدره 0.9% في الربع السابق.
وعلى الرغم من الجهود الحكومية للتصدي للتحديات المالية، إلا أن العجز العام ما زال يشكل قلقاً كبيراً. بعد أن بلغ 4.7 بالمئة في عام 2022، من المتوقع أن يرتفع العجز إلى 4.9 بالمئة هذا العام، ومن ثم يتراجع تدريجياً اعتباراً من عام 2024. ومع ذلك، يبدو أن هذه التقديرات لم ترضِ الوكالة الائتمانية “ستاندرد آند بورز”، حيث تعتبر توقعاتها أكثر تشاؤماً بشأن العجز في السنوات القادمة.
إلى جانب ذلك، تتوقع الوكالة عينها، أن يكون معدل النمو الاقتصادي أقل مما كانت تتوقعه الحكومة الفرنسية. حيث تتوقع “أس أند بي” أن يرتفع النمو بنسبة 1.2 بالمئة في المتوسط بين عامي 2023 و2026، بينما كانت التوقعات السابقة تشير إلى 1.5 بالمئة.
وتأتي أحدث البيانات بشأن التضخم في فرنسا بمفاجأة إيجابية، حيث تشير إلى تباطؤ النمو في معدل التضخم إلى أدنى مستوى خلال 12 شهراً. في مايو، سجل مؤشر أسعار المستهلكين تباطؤاً معتبراً إلى 5.1 بالمئة، بالمقارنة مع 5.9 بالمئة في أبريل. هذا الرقم جاء دون توقعات المحللين التي تشير إلى تباطؤ أقل إلى 5.7 بالمئة.
وعلى الصعيد الشهري، سجل مؤشر التضخم قراءة سالبة بنسبة 0.1 بالمئة في شهر مايو، مخالفاً التوقعات التي أشارت إلى ارتفاع بنسبة 0.3 بالمئة. يعكس هذا التباطؤ في التضخم تراجع زيادات أسعار الطاقة والغذاء.
وتعتبر هذه البيانات إيجابية للحكومة الفرنسية، حيث يعاني التضخم المرتفع من تأثير سلبي على الاقتصاد والمستهلكين. وبالإضافة إلى ذلك، تشكل هذه الأرقام تحدياً للاقتصاديين والمستثمرين الذين يتابعون عن كثب تطورات التضخم ويستخدمونها في تقييم سياسات البنوك المركزية وتوجهات الأسواق المالية.
ويعتبر مؤشر أسعار المستهلكين المنسق (HICP) مؤشراً مهماً لقياس التضخم في فرنسا ومنطقة اليورو بأكملها، حيث يعكس أسعار المنتجات والخدمات التي يستهلكها المستهلكون. ويُعتبر التباطؤ في معدل التضخم هذا تطوراً إيجابياً قد يساهم في تحسن الاستقرار الاقتصادي والثقة في الأسواق المالية.
وفي الربع الأول من العام، استقر معدل البطالة في فرنسا عند 7.1 بالمئة، وهو أدنى مستوى له في البلاد منذ 40 عامًا، وفقًا للمعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية. عدد العاطلين عن العمل بلغ 2.2 مليون شخص، وانخفض بشكل طفيف خلال الربع الأول بمقدار سبعة آلاف شخص فقط.
وتعتبر هذه الأرقام إيجابية وتعكس الجهود المبذولة لتحقيق هدف التوظيف الكامل في فرنسا، حيث يتم الاقتراب من معدل البطالة المستهدف الذي يقترب من خمسة في المئة.
وفيما يتعلق بالشباب في الفئة العمرية من 15 إلى 24 عامًا، انخفض معدل البطالة بشكل طفيف جدًا بنسبة 0.2 نقطة، ووصل إلى 16.6 في المئة.
أما بالنسبة للأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و 49 عامًا، فقد استقر معدل البطالة تقريبًا (-0.1 نقطة) عند 6.4 في المئة.
وشهدت فئة الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 50 عامًا أو أكثر زيادة طفيفة (+0.2 نقطة) في معدل البطالة، حيث وصلت إلى 5.2 في المئة، ولكنها لا تزال أقل من مستواها في نفس الفترة من العام السابق (-0.3 نقطة).
تعتبر هذه الأرقام إشارة إيجابية لسوق العمل الفرنسية وتعزز الاستقرار الاقتصادي والثقة في الاقتصاد الوطني.