(كش بريس/ خاص) ـ وجه الاتحاد المغربي للشغل، مذكرة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، حول “مشروع القانون التنظيمي للإضراب”، يصفه فيها ب”الأسوأ” من بين المشاريع التي جهزتها الحكومات المتتالية منذ أكتوبر 2001، تاريخ طرح أول مشروع.
وقال الاتحاد، وفق الوثيقة التي اطلعنا على نظير منها، أن هذا المشروع تم طبخه من طرف الحكومة السابقة خارج نطاق الحوار الاجتماعي، ودون إشراك الحركة النقابية في بلورته، وذلك بغرض تكبيل وتجريم حق الإضراب بموجب القانون. مشددة على أنه ورغم الادعاء الرسمي بأن صيغة مشروع القانون التنظيمي للإضراب تضمن ممارسة حق الإضراب، إلا أن الحقيقة الساطعة هي أن هذه الصيغة تعتبر الأكثر عدوانية على حق الإضراب بالمقارنة مع جميع الصيغ السابقة، فهي تهدف بكل وقاحة إلى تكبيل حق الإضراب والإجهاز عليه، مع العلم أن الأجراء في ظل موازين القوى الحالية يلجؤون في غالب الأحيان إلى الإضراب من أجل التصدي لتعسفات الباطرونا، ولانتهاك مقتضيات قوانين الشغل على علاتها.
وأوردت الوثيقة، أبرز سلبيات مشروع القانون، موضحة أن من بينها، التنزيل المبتور والمشوه لمضامين الدستور، حيث تغيب الضمانات الفعلية لممارسة حق الإضراب وتمنح كل الضمانات من أجل إفشال الإضرابات قبل وأثناء خوضها.
وأكدت النقابة، أن المشروع إياه يمنع العديد من الفئات أحيانا بدون مبرر معقول، من ممارسة حقها في الإضراب اما لاعتبارات شبه أمنية وإما لاعتبار أنها تعمل في قطاعات مهمة، كما يمنع العديد من أصناف وأشكال الإضراب، ويقر مهلة للإخطار بالإضراب جد طويلة تفرغ الإضراب من محتواه، زيقنن الاقتطاع من أجور المضربين على اعتبار أن مدة الاضراب هي توقف مؤقت، ويسمح للمشغل باستخدام أجراء من خارج المقاولة بدعوى توفير حد أدنى من الخدمات وهذا ما يمكن استغلاله من طرفه لإفشال الإضراب.
بالإضافة إلأى ذلك، فإن المشروع يجعل المنظمة النقابية والأجراء المضربين هم المستهدفون الأساسيون بالعقوبات، فبمقابل غرامات تافهة للمشغلين، هناك عقوبات قاسية للشغيلة، بحيث أن مشروع قانون الإضراب قانون منحاز بامتياز، فبالنسبة للمضربين هناك ترسانة خطيرة من العقوبات ضدهم خارج نطاق القانون، بحرمانهم من الأجور، وفرض غرامات عالية قد تصل إلى عشرات آلاف الدراهم، وفرض غرامات إضافية على منظمتهم النقابية، وإصدار أحكام قضائية بتعويض المشغل عن الخسائر الناتجة عن الإضراب، والطرد، واستعمال عنف السلطات العمومية لفض الإضراب أو الاعتصام، والاعتقال والحكم بالسجن بموجب قانون الإضراب.
وأبرزت المذكرة، في السياق ذاته، أن الحكومة السابقة لم تسع نهائيا لإصدار قانون تنظيمي للإضراب من أجل ضمان ممارسته، وإنما من أجل تكبيل هذا الحق، وعرقلة ممارسته والحد من فعاليته في حالة التمكن من اللجوء إليه ومتابعة الاجراء وسجنهم، ما يجعله بمثابة قانون جنائي.
وسجل الاتحاد تأكيده أن يتضمن مشروع القانون التنظيمي حق من حقوق الإنسان وحق دستوري وحق أساسي للشغيلة، ولمنظماتها النقابية على مستوى المقاولة والجهة والقطاع وعلى المستوى العام والوطني، ويضمنه بكل القطاعات، ولا يمكن الحد منه إلا بالنسبة لفئات محدودة ومحددة في أوضاع مرتبطة بممارسة سلطة الدولة.
وأكد الاتحاد المغربي للشغل، على ضرورة اتخاذ إجراءات مصاحبة للقانون التنظيمي لحق الإضراب حتى يكون هذا القانون مناسبة ليس لتكبيل حق الإضراب وإنما لتطوير العلاقات المهنية والنهوض بالمفاوضات الجماعية، وهو ما يستوجب بالخصوص تطبيق قوانين الشغل باعتبار أن المصدر الرئيسي في البلاد لنزاعات الشغل هو انتهاك المشغلين لهذه القوانين، مع تطبيق التزامات الحكومة بشأن الحريات النقابية.